هُوَ مِنَ الْمَقَامَاتِ الْعَلِيَّةِ وَهُوَ مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤمنين وَقَالَ تَعَالَى فَلَا تخشوا النَّاس واخشون وَقَالَ تَعَالَى إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعلمَاء وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَقْرَبُ إِلَى رَبِّهِ كَانَ أَشَدَّ لَهُ خَشْيَةً مِمَّنْ دُونَهُ وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ بِقَوْلِهِ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ من فَوْقهم وَالْأَنْبِيَاءَ بِقَوْلِهِ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشونَ أحدا الا الله وَإِنَّمَا كَانَ خَوْفُ الْمُقَرَّبِينَ أَشَدَّ لِأَنَّهُمْ يُطَالَبُونَ بِمَا لَا يُطَالَبُ بِهِ غَيْرُهُمْ فَيُرَاعُونَ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ لِلَّهِ مِنْهُ الشُّكْرُ عَلَى الْمَنْزِلَةِ فَيُضَاعَفُ بِالنِّسْبَةِ لِعُلُوِّ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ فَالْعَبْدُ إِنْ كَانَ مُسْتَقِيمًا فَخَوْفُهُ مِنْ سُوءِ الْعَاقِبَةِ لقَوْله تَعَالَى يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه أَوْ نُقْصَانِ الدَّرَجَةِ بِالنِّسْبَةِ وَإِنْ كَانَ مَائِلًا فَخَوْفُهُ مِنْ سُوءِ فِعْلِهِ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ مَعَ النَّدَمِ وَالْإِقْلَاعِ فَإِنَّ الْخَوْفَ يَنْشَأُ مِنْ مَعْرِفَةِ قُبْحِ الْجِنَايَةِ وَالتَّصْدِيقِ بِالْوَعِيدِ عَلَيْهَا وَأَنْ يُحْرَمَ التَّوْبَةَ أَوْ لَا يَكُونَ مِمَّنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ فَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ ذَنْبِهِ طَالِبٌ مِنْ رَبِّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ فِيمَنْ يَغْفِرُ لَهُ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ الْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَهُ وَفِيهِ أَيْضًا وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ وَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَحَدِيثُ الثَّلَاثَةِ أَصْحَابِ الْغَارِ فَإِنَّ أَحَدَهُمُ الَّذِي عَفَّ عَنِ الْمَرْأَةِ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ وَتَرَكَ لَهَا الْمَالَ الَّذِي أَعْطَاهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قِصَّةُ الْكِفْلِ وَكَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ عَفَّ عَنِ الْمَرْأَةِ وَتَرَكَ الْمَالَ الَّذِي أَعْطَاهَا خَوْفًا مِنَ اللَّهِ ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ الَّذِي أَوْصَى بِأَنْ يُحْرَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَيْضًا
[6480] قَوْلُهُ جَرِيرٌ هُوَ بن عبد الحميد وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِر ورِبْعِي هُوَ بن حِرَاشٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَآخِرَهُ شِينٌ مُعْجَمَةٌ وَالسَّنَدُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ قَوْلُهُ عَنْ حُذَيْفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَدَّمَ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَصْرِيحُ حُذَيْفَةَ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ وَالَانِ الْعَبْدِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ بِطُولِهِ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي الشَّفَاعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَتَبَيَّنُ شُذُوذَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَتْنُ كَمَا ظَهَرَ شُذُوذُهَا مِنْ حَيْثُ السَّنَدُ قَوْلُهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ ثَمَّ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ قَوْلُهُ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ تَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّهُ كَانَ نَبَّاشًا قَوْلُهُ فَذَرُونِي قَدَّمْتُ هُنَاكَ فِيهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنَى التَّرْكِ وَالتَّشْدِيدُ بِمَعْنَى التَّفْرِيقِ وَهُوَ ثُلَاثِيٌّ مُضَاعَفٌ تَقُولُ ذَرَرْتُ الْمِلْحَ أَذُرُّهُ وَمِنْهُ الذَّرِيرَةُ نَوْعٌ مِنَ الطّيب قَالَ بن التِّينِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَذَا قَرَأْنَاهُ وَرُوِّينَاهُ بِضَمِّهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ مِنَ الذَّرِّ وَعَلَى الثَّانِي مِنَ التَّذْرِيَةِ وَبِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ أَذَرَتِ الْعَيْنُ دَمْعَهَا وَأَذْرَيْتُ الرَّجُلَ عَنِ الْفَرَسِ وَبِالْوَصْلِ مِنْ ذَرَوْتُ الشَّيْءَ وَمِنْه تَذْرُوهُ الرِّيَاح قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الرِّيحِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِي فِي التَّوْحِيدِ وَاذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْر