الْحَوْلَيْنِ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شهرا وَتُعُقِّبَ بِمَنْ زَادَ حَمْلُهَا عَلَى ثَلَاثِينَ شَهْرًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ إِسْقَاطُ مُدَّةِ الرَّضَاعَةِ وَلَا قَائِلَ بِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْغَالِبِ وَأُخِذَ مِنَ الْآيَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ أَنَّ مَنْ وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَا فَوْقَهَا الْتَحَقَ بِالزَّوْجِ قَوْلُهُ وَقَالَ يُونُس هُوَ بن يزِيد وَهَذَا الْأَثر وَصله بن وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ عَنْ يُونُسَ قَالَ قَالَ بن شهَاب فَذكره إِلَى قَوْله وتشاور وَأخرجه بن جرير من طَرِيق عقيل عَن بن شِهَابٍ نَحْوَهُ وَقَوْلُهُ ضِرَارًا لَهَا إِلَى غَيْرِهَا يَتَعَلَّقُ بِمَنْعِهَا أَيْ مَنْعِهَا يَنْتَهِي إِلَى رَضَاعِ غَيْرِهَا فَإِذَا رَضِيَتْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَقِيلٍ الْوَالِدَاتُ أَحَقُّ بِرَضَاعِ أَوْلَادِهِنَّ وَلَيْسَ لِوَالِدَةٍ أَنْ تُضَارَّ وَلَدَهَا فَتَأْبَى رَضَاعَهُ وَهِي تُعْطِي عَلَيْهِ مَا يُعْطي غَيرهَا ولي لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يَنْزِعَ وَلَدَهُ مِنْهَا ضِرَارًا لَهَا وَهِيَ تَقْبَلُ مِنَ الْأَجْرِ مَا يُعْطَى غَيْرُهَا فَإِنْ أَرَادَا فِصَالَ الْوَلَدِ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ دُونَ الْحَوْلَيْنِ فَلَا بَأْسَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْكَلَامِ فِصَالُهُ فِطَامُهُ هُوَ تَفْسِيرُ بن عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْهُ وَعَنِ السُّدِّيِّ وَغَيْرِهِمَا وَالْفِصَالُ مَصْدَرٌ يُقَالُ فَاصَلْتُهُ أُفَاصِلُهُ مُفَاصَلَةً وَفِصَالًا إِذَا فَارَقْتُهُ مِنْ خُلْطَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمَا وَفِصَالُ الْوَلَد مَنعه من شرب اللَّبن قَالَ بن بطال قَوْله تَعَالَى والوالدات يرضعن لَفْظُهُ لَفْظُ الْخَبَرِ وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِلْزَامِ كَقَوْلِكِ حَسْبُكُ دِرْهَمٌ أَيِ اكْتَفِ بِدِرْهَمٍ قَالَ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَالِدَةِ إِرْضَاعُ وَلَدِهَا إِذَا كَانَ أَبُوهُ حَيًّا مُوسِرًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ قَالَ وَأَن تعاسرتم فسترضع لَهُ أُخْرَى فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِرْضَاعُ وَلَدِهَا وَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ سِيقَ لِمَبْلَغِ غَايَةِ الرَّضَاعَةِ الَّتِي مَعَ اخْتِلَافِ الْوَالِدَيْنِ فِي رَضَاعِ الْمَوْلُودِ جُعِلَتْ حَدًّا فَاصِلًا قلت وَهَذَا أحد الْقَوْلَيْنِ عَن بن عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ وَعَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِمَنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ أَوْ وَقفه على عِكْرِمَة وَعَن بن عَبَّاسٍ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّ الْحَوْلَيْنِ لِغَايَةِ الْإِرْضَاعِ وَأَنْ لَا رَضَاعَ بَعْدَهُمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ الزُّهْرِيِّ وبن عَبَّاس ثمَّ أخرج بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ مَا كَانَ مِنْ رَضَاعَةٍ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَلَا رضَاع وَعَن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِثْلُهُ ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كَانَ إِرْضَاعُهَا الْحَوْلَيْنِ فَرْضًا ثُمَّ خُفِّفَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَلِهَذَا عَقَّبَ الْآيَةَ الْأُولَى بِالْآيَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا وَمَا جزم بِهِ بن بَطَّالٍ مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ لَكِنْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا خَبَرٌ عَنِ الْمَشْرُوعِيَّةِ فَإِنَّ بَعْضَ الْوَالِدَاتِ يَجِبُ عَلَيْهِنَّ ذَلِكَ وَبَعْضُهُنَّ لَا يَجِبُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فَلَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى عُمُومِهِ وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي الْعُدُولِ عَنِ التَّصْرِيحِ بِالْإِلْزَامِ كَأَنْ يُقَالَ وَعَلَى الْوَالِدَاتِ إِرْضَاعُ أَوْلَادِهِنَّ كَمَا جَاءَ بعده وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك قَالَ بن بَطَّالٍ وَأَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَالِدَاتِ هُنَا الْمَبْتُوتَاتُ الْمُطَلَّقَاتُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ عَلَى الزَّوْجِ إِذَا خَرَجَتِ الْمُطَلَّقَةُ مِنَ الْعِدَّةِ وَالْأُمُّ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ أَوْلَى بِالرَّضَاعَةِ إِلَّا إِنْ وَجَدَ الْأَبُ مَنْ يُرْضِعُ لَهُ بِدُونِ مَا سَأَلَتْ إِلَّا أَنْ لَا يقبل الْوَلَد غَيرهَا فتجير بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمَنْقُولِ هُنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُتَزَوِّجَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْكُوفِيِّينَ لَا يَلْزَمُهَا إِرْضَاعُ وَلَدِهَا وَقَالَ مَالِكٌ وبن أَبِي لَيْلَى مِنَ الْكُوفِيِّينَ تُجْبَرُ عَلَى إِرْضَاعِ وَلَدِهَا مَا دَامَتْ مُتَزَوِّجَةً بِوَالِدِهِ وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا لَا تُجْبَرُ بِأَنَّ ذَلِكَ إِنْ كَانَ لِحُرْمَةِ الْوَلَدِ فَلَا يُتَّجَهُ لِأَنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا بِإِجْمَاعٍ مَعَ أَنَّ حُرْمَةَ الْوَلَدِيَّةِ مَوْجُودَةٌ وَإِنْ كَانَ لِحُرْمَةِ الزَّوْجِ لَمْ يُتَّجَهْ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا فِي