الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ قَالَ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ قَالَتْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ قَوْلُهُ قَالَ سَهْلٌ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمُبْدَأِ بِهِ قَوْلُهُ فَتَلَاعَنَا فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَذَهَبَ فَأَتَى بِهَا فَسَأَلَهَا فَأَنْكَرَتْ فَأَمَرَ بِاللِّعَانِ فَتَلَاعَنَا قَوْلُهُ وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ بن جُرَيْجٍ كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ فِي الْمَسْجِد وَزَاد بن إِسْحَاق فِي رِوَايَته عَن بن شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَاسْتُدِلَّ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ يَكُونُ بِحَضْرَةِ الْحُكَّامِ وَبِمَجْمَعٍ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ التَّغْلِيظِ ثَانِيهَا الزَّمَانُ ثَالِثُهَا الْمَكَانُ وَهَذَا التَّغْلِيظُ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ وَاجِبٌ تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ سَهْلٍ صِفَةَ تَلَاعُنِهِمَا إِلَّا مَا فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ الْمَاضِيَةِ فِي التَّفْسِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ فَأَمَرَهُمَا بِالْمُلَاعَنَةِ بِمَا سَمَّى فِي كِتَابِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَمْ يَزِيدَا عَلَى مَا فِي الْآيَة وَحَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ الحَدِيث وَحَدِيث بن مَسْعُودٍ نَحْوُهُ لَكِنْ زَادَ فِيهِ فَذَهَبَتْ لِتَلْتَعِنَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْ فَأَبَتْ فَالْتَعَنَتْ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّكَ لِمَنِ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتَهَا بِهِ مِنَ الزِّنَا فَشَهِدَ بِذَلِكَ أَرْبَعًا ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي الْخَامِسَةِ وَلَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فَفَعَلَ ثُمَّ دَعَاهَا فَذَكَرَ نَحْوَهُ فَلَمَّا كَانَ فِي الْخَامِسَةِ سَكَتَتْ سَكْتَةً حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا سَتَعْتَرِفُ ثُمَّ قَالَتْ لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ فَمَضَتْ عَلَى الْقَوْلِ وَفِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنهُ عِنْد أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وبن أَبِي حَاتِمٍ فَدَعَا الرَّجُلُ فَشَهِدَ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الصَّادِقِينَ فَأُمِرَ بِهِ فَأَمْسَكَ عَلَى فِيهِ فَوَعَظَهُ فَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ أَهْوَنُ عَلَيْكِ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فَقَالَ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ وَقَالَ فِي الْمَرْأَةِ نَحْوَ ذَلِكَ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ لَمْ يُسَمَّ فِيهَا الزَّوْجُ وَلَا الزَّوْجَةُ بِخِلَافِ حَدِيثِ أَنَسٍ فَصَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّهَا فِي قِصَّةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ فَإِنْ كَانَتِ الْقِصَّةُ وَاحِدَةً وَقَعَ الْوَهْمُ فِي تَسْمِيَةِ الْمُلَاعِنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرْتُهُ فِي التَّفْسِيرِ فَهَذِهِ زِيَادَةٌ مِنْ ثِقَةٍ فَتُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً فَقَدْ ثَبَتَ بَعْضُهَا فِي قِصَّةِ امْرَأَةِ هِلَالٍ كَمَا ذَكَرْتُهُ فِي آخِرِ بَابِ يَبْدَأُ الرَّجُلُ بِالتَّلَاعُنِ قَوْلُهُ فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنِهِمَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ إِنْ حَبَسْتُهَا فَقَدْ ظَلَمْتُهَا قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي رِوَايَةِ بن إِسْحَاقَ ظَلَمْتُهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا فَهِيَ الطَّلَاقُ فَهِيَ الطَّلَاقُ وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا وَكَأَنَّهُ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى لِاعْتِقَادِهِ مَنْعَ جَمْعِ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ مِنْ قَبْلُ فِي أَوَائِلِ الطَّلَاقِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَنَّ الْفُرْقَةَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ تَتَوَقَّفُ عَلَى تَطْلِيقِ الرَّجُلِ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَأُجِيبَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ بن عُمَرَ فَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ المتلاعنين فَإِن حَدِيث سهل وَحَدِيث بن عمر فِي قصَّة وَاحِدَة وَظَاهر حَدِيث بن عُمَرَ أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِتَفْرِيقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وَقَعَ فِي شَرْحِ مُسلم للنووي قَوْله كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا هُوَ كَلَام مُسْتَقل وَقَوله فَطلقهَا أَيْ ثُمَّ عَقَّبَ قَوْلَهُ ذَلِكَ بِطَلَاقِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ فَأَرَادَ تَحْرِيمَهَا بِالطَّلَاقِ فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا أَيْ لَا مِلْكَ لَكَ عَلَيْهَا فَلَا يَقَعُ طَلَاقُكَ انْتَهَى وَهُوَ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ