لَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ الْوَاقِدِيُّ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَطَرِيقُ شُعَيْبٍ أَصَحُّ وَمِمَّا يُوهِنُ رِوَايَةَ الْوَاقِدِيِّ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ التَّوَجُّهَ إِلَى تَبُوكَ كَانَ فِي رَجَبٍ وَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ وَفِي قِصَّتِهِ أَنَّ امْرَأَتَهُ اسْتَأْذَنَتْ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ تَخْدُمَهُ فَأَذِنَ لَهَا بِشَرْطٍ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا فَقَالَتْ إِنَّهُ لَا حِرَاكَ بِهِ وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ أَنْ مَضَى لَهُمْ أَرْبَعُونَ يَوْمًا فَكَيْفُ تَقَعُ قِصَّةُ اللِّعَانِ فِي الشَّهْرِ الَّذِي انْصَرَفُوا فِيهِ مِنْ تَبُوكَ وَيَقَعُ لِهِلَالٍ مَعَ كَوْنِهِ فِيمَا ذَكَرَ مِنَ الشُّغْلِ بِنَفْسِهِ وَهِجْرَانِ النَّاسِ لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ ثَبت فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ آيَةَ اللِّعَانِ نَزَلَتْ فِي حَقِّهِ وَكَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ لَاعَنَ فِي الْإِسْلَامِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عباد بن مَنْصُور فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَأَحْمَدَ حَتَّى جَاءَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلًا الْحَدِيثَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ اللِّعَانِ تَأَخَّرَتْ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْقِصَّةَ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً وَلَعَلَّهَا كَانَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ عَشْرٍ لَا تِسْعٍ وَكَانَتِ الْوَفَاةُ النَّبَوِيَّةِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ بِاتِّفَاقٍ فيلتثم حِينَئِذٍ مَعَ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَوَقَعَ عِنْد مُسلم من حَدِيث بن مَسْعُودٍ كُنَّا لَيْلَةَ جُمْعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي اللِّعَانِ بِاخْتِصَارٍ فَعَيَّنَ الْيَوْمَ لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنِ الشَّهْرَ وَلَا السَّنَةَ قَوْلُهُ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بن عدي أَي بن الْجد بن العجلان الْعجْلَاني وَهُوَ بن عَمِّ وَالِدِ عُوَيْمِرٍ وَفِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ الَّتِي مَضَتْ فِي التَّفْسِيرِ وَكَانَ عَاصِمٌ سَيِّدَ بَنِي عَجْلَانَ وَالْجَدُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ وَالْعَجْلَانُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ هُوَ بن حَارِثَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ مِنْ بَنِي بَلِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَافِّ بْنِ قُضَاعَةَ وَكَانَ الْعَجْلَانُ حَالَفَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسَكَنَ الْمَدِينَة فَدَخَلُوا فِي الْأَنْصَار وَقد ذكر بن الْكَلْبِيِّ أَنَّ امْرَأَةَ عُوَيْمِرٍ هِيَ بِنْتُ عَاصِمٍ الْمَذْكُور وَأَن اسْمهَا خَوْلَة وَقَالَ بن مَنْدَهْ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ خَوْلَةُ بِنْتُ عَاصِمٍ الَّتِي قَذَفَهَا زَوْجُهَا فَلَاعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا لَهَا ذِكْرٌ وَلَا تُعْرَفُ لَهَا رِوَايَةٌ وَتَبِعَهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَلَمْ يَذْكُرَا سلفهما فِي ذَلِك وَكَأَنَّهُ بن الْكَلْبِيِّ وَذَكَرَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِيمَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ أَنَّهَا خوله بنت قيس وَذكر بن مَرْدَوَيْهِ أَنَّهَا بِنْتُ أَخِي عَاصِمٍ فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ لَمَّا نَزَلَتْ وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ لِأَحَدِنَا أَرْبَعَةُ شُهَدَاءٍ فَابْتُلِيَ بِهِ فِي بِنْتِ أَخِيهِ وَفِي سَنَده مَعَ إرْسَاله ضعف واخرج بن أَبِي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ لَمَّا سَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ ابتلى بِهِ فِي أهل بَيته فَأَتَاهُ بن عَمِّهِ تَحْتَهُ ابْنَةُ عَمِّهِ رَمَاهَا بِابْنِ عَمَّةِ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ وَالْحَلِيلِ ثَلَاثَتُهُمْ بَنُو عَمِّ عَاصِمٍ وَعَن بن مردوية فِي مُرْسل بن أَبِي لَيْلَى الْمَذْكُورِ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي رَمَى عُوَيْمِرٌ امْرَأَتَهُ بِهِ هُوَ شَرِيكُ بْنُ سَحْمَاءَ وَهُوَ يشْهد لصِحَّة هَذِه الرِّوَايَة لِأَنَّهُ بن عَمِّ عُوَيْمِرٍ كَمَا بَيَّنْتُ نَسَبَهُ فِي الْبَابِ الْمَاضِي وَكَذَا فِي مُرْسَلِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ فَقَالَ الزَّوْجُ لِعَاصِمٍ يَا بن عَمِّ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ شَرِيكَ بْنَ سَحْمَاءَ عَلَى بَطْنِهَا وَإِنَّهَا لَحُبْلَى وَمَا قَرُبْتُهَا مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ لَاعَنَ بَيْنَ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا وَقَالَ هُوَ لِابْنِ سَحْمَاءَ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُتَّهَمَ شَرِيكُ بْنُ سَحْمَاءَ بِالْمَرْأَتَيْنِ مَعًا وَأَمَّا قَول بن الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ أَنَّ الْمُزَنِيَّ ذَكَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّ الْعَجْلَانِيَّ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ وَهُوَ سَهْوٌ فِي النَّقْلِ وَإِنَّمَا الْقَاذِفُ بِشَرِيكٍ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ مُسْتَنَدَ الْمُزَنِيِّ فِي ذَلِكَ وَإِذَا جَاءَ الْخَبَرُ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَإِنَّ بَعْضَهَا يُعَضِّدُ بَعْضًا وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ التَّغْلِيطِ قَوْلُهُ أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَيْ أَخْبِرْنِي عَنْ حُكْمِ رَجُلٍ قَوْلُهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ