أَوْ إِيمَاءٍ جَازَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ أَنَّ الطَّلَاقَ بِكِتَابَةٍ إِلَخْ قَوْلُهُ وَلَيْسَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْقَذْفِ فَرْقٌ فَإِنْ قَالَ الْقَذْفُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِكَلَامٍ قِيلَ لَهُ كَذَلِكَ الطَّلَاقُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِكَلَامٍ أَيْ وَأَنْتَ وَافَقَتْ على وُقُوعه بِغَيْر الْكَلَام فيلزمك مِثْلُهُ فِي اللِّعَانِ وَالْحَدِّ قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَ الطَّلَاقُ وَالْقَذْفُ وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ يَعْنِي إِمَّا أَنْ يُقَالَ بِاعْتِبَارِ الْإِشَارَةِ فِيهَا كُلِّهَا أَوْ بِتَرْكِ اعْتِبَارِهَا فَتَبْطُلُ كُلُّهَا بِالْإِشَارَةِ وَإِلَّا فَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ دَلِيلٍ تَحَكُّمٌ وَقَدْ وَافَقَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ وَقَالَ الْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْجَمِيعِ لَكِنْ عَمِلْنَا بِهِ فِي غَيْرِ اللِّعَانِ وَالْحَدِّ اسْتِحْسَانًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَنَعْنَاهُ فِي اللِّعَانِ وَالْحَدِّ لِلشُّبْهَةِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالصَّرِيحِ كَالْقَذْفِ فَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالْإِشَارَةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ صَرِيحَةٍ وَهَذِهِ عُمْدَةُ مَنْ وَافَقَ الْحَنَفِيَّةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ ورده بن التِّينِ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً إِفْهَامًا وَاضِحًا لَا يَبْقَى مَعَهُ رِيبَةٌ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا أَنَّ الْقَذْفَ يَتَعَلَّقُ بِصَرِيحِ الزِّنَا دُونَ مَعْنَاهُ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ قَالَ لأخر وطِئت وطءا حَرَامًا لَمْ يَكُنْ قَذْفًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وطىء وَطْءَ شُبْهَةٍ فَاعْتَقَدَ الْقَائِلُ أَنَّهُ حَرَامٌ وَالْإِشَارَةُ لَا يَتَّضِحُ بِهَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ وَلِذَلِكَ لَا يجب الْحَد فِي التَّعْرِيض وَأجَاب بن الْقَصَّارِ بِالنَّقْضِ عَلَيْهِمْ بِنُفُوذِ الْقَذْفِ بِغَيْرِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَنَقَضَ غَيْرُهُ بِالْقَتْلِ فَإِنَّهُ يَنْقَسِمُ إِلَى عَمْدٍ وَشِبْهِ عَمْدٍ وَخَطَأٍ وَيَتَمَيَّزُ بِالْإِشَارَةِ وَهُوَ قَوِيٌّ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ اللِّعَانَ شَهَادَةٌ وَشَهَادَةُ الْأَخْرَسِ مَرْدُودَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مَالِكًا ذَكَرَ قَبُولَهَا فَلَا إِجْمَاعَ وَبِأَنَّ اللِّعَانَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ يَمِينٌ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْأَصَمُّ يُلَاعِنُ أَيْ إِذَا أُشِيرَ إِلَيْهِ حَتَّى فَهِمَ قَالَ الْمُهَلَّبُ فِي أَمْرِهِ إِشْكَالٌ لَكِنْ قَدْ يَرْتَفِعُ بِتَرْدَادِ الْإِشَارَةِ إِلَى أَنْ تُفْهَمَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ عَنْهُ قُلْتُ وَالْإِطْلَاعُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ سَهْلٌ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ مِنْ نُطْقِهِ قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ إِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ تَبِينُ مِنْهُ بِإِشَارَتِهِ وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ سُئِلَ الشَّعْبِيُّ فَقَالَ سُئِلَ رَجُلٌ مَرَّةً أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ قَالَ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَفَارَقَ امْرَأَتَهُ قَالَ بن التِّينِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ عَبَّرَ عَمَّا نَوَاهُ مِنَ الْعَدَدِ بِالْإِشَارَةِ فَاعْتَدُّوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَوْلُهُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْأَخْرَسُ إِذَا كَتَبَ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ لَزِمَهُ وَصله بن أبي شيبَة بِلَفْظِهِ وَأخرجه الْأَثْرَم عَن بن أَبِي شَيْبَةَ كَذَلِكَ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ الرَّجُلِ يَكْتُبُ الطَّلَاقَ وَلَا يَلْفِظُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ يرَاهُ لَازِما وَنقل بن التِّينِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَخْرَسَ إِذَا كَتَبَ الطَّلَاقَ أَوْ نَوَاهُ لَزِمَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَكُونُ طَلَاقًا يَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا أَمَّا لَوْ جَمَعَهُمَا فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ بِالْوُقُوعِ سَوَاءً كَانَ نَاطِقًا أَمْ أَخْرَسَ قَوْلُهُ وَقَالَ حَمَّادٌ الْأَخْرَسُ وَالْأَصَمُّ إِنْ قَالَ بِرَأْسِهِ جَازَ هُوَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ شَيْخُ أَبِي حَنِيفَةَ فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ إِلْزَامَ الْكُوفِيِّينَ بِقَوْلِ شَيْخِهِمْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحِلَّ الْجَوَازِ حَيْثُ يَسْبِقُ مَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ الْجَوَابُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ تَتَعَلَّقُ بِالْإِشَارَةِ أَيْضًا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ فِي فَضْلِ دُورِ الْأَنْصَارِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْمَنَاقِبِ فَإِنَّهُ أَوْرَدَهُ هُنَاكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَأَوْرَدَهُ هُنَا عَنْ أَنَسٍ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَالطَّرِيقَانِ صَحِيحَانِ وَفِي زِيَادَةِ أَنَسٍ هَذِهِ الْإِشَارَةُ وَلَيْسَتْ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مِنَ الزِّيَادَةِ قِصَّةٌ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْحَدِيثِ هُنَا
[5300] قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ فَقَبَضَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ بَسَطَهُنَّ كَالرَّامِي بِيَدِهِ فَفِيهِ اسْتِعْمَالُ الْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مَقْرُونَةً بِالنُّطْقِ وَقَوْلُهُ كَالرَّامِي بِيَدِهِ أَيْ كَالَّذِي يَكُونُ بِيَدِهِ الشَّيْءُ قَدْ ضَمَّ أَصَابِعَهُ عَلَيْهِ ثمَّ رَمَاه فانتشرت الثَّانِي حَدِيثُ سَهْلٍ
[5301] قَوْلُهُ قَالَ أَبُو حَازِمٍ كَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ وَصَرَّحَ الْحميدِي