عَبَّاس أَنه كَانَ عِنْده هذاالحكم عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يُفْتِي بِخِلَافِهِ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ ظَهَرَ لَهُ وَرَاوِي الْخَبَرِ أَخْبَرُ مِنْ غَيْرِهِ بِمَا رَوَى وَأُجِيبُ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِرِوَايَةِ الرَّاوِي لَا بِرَأْيِهِ لِمَا يَطْرُقُ رَأْيَهُ مِنِ احْتِمَالِ النِّسْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا كَوْنُهُ تَمَسَّكَ بِمُرَجِّحٍ فَلَمْ يَنْحَصِرْ فِي الْمَرْفُوعِ لِاحْتِمَالِ التَّمَسُّكِ بِتَخْصِيصٍ أَوْ تَقْيِيدٍ أَوْ تَأْوِيلٍ وَلَيْسَ قَوْلُ مُجْتَهِدٍ حُجَّةً عَلَى مُجْتَهِدٍ آخَرَ الثَّالِثُ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ رَجَّحَ أَنَّ رُكَانَةَ إِنَّمَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ كَمَا أَخْرَجَهُ هُوَ مِنْ طَرِيقِ آلِ بَيْتِ رُكَانَةَ وَهُوَ تَعْلِيلٌ قَوِيٌّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ رُوَاتِهِ حَمَلَ أَلْبَتَّةَ عَلَى الثَّلَاثِ فَقَالَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فبهذه النُّكْتَة يقف الِاسْتِدْلَال بِحَدِيث بن عَبَّاسٍ الرَّابِعُ أَنَّهُ مَذْهَبٌ شَاذٌّ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ وَأجِيب بِأَنَّهُ نقل عَن عَليّ وبن مَسْعُودٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ مِثْلُهُ نقل ذَلِك بن مُغِيثٍ فِي كِتَابِ الْوَثَائِقِ لَهُ وَعَزَاهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ وَنَقَلَ الْغَنَوِيُّ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِ قُرْطُبَةَ كَمُحَمَّدِ بْنِ تَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَنَقله بن الْمُنْذر عَن أَصْحَاب بن عَبَّاسٍ كَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَيُتَعَجَّبُ من بن التِّينِ حَيْثُ جَزَمَ بِأَنَّ لُزُومَ الثَّلَاثِ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي التَّحْرِيمِ مَعَ ثُبُوت الِاخْتِلَاف كَمَا ترى ويقوى حَدِيث بن إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ وَمِنْ طَرِيقِ عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج عَن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَتَعْلَمُ إِنَّمَا كَانَتِ الثَّلَاثُ تُجْعَلُ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَثَلَاثًا مِنْ إِمَارَةِ عمر قَالَ بن عَبَّاسٍ نَعَمْ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَلَمِ يَكُنْ طَلَاقُ الثَّلَاثِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدَةً قَالَ قَدْ كَانَ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ تَتَابَعَ النَّاسُ فِي الطَّلَاقِ فَأَجَازَهُ عَلَيْهِمْ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ الْأَخِيرَةُ أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَيْسَرَةَ وَقَالَ بَدَلَهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ وَلَفْظُ الْمَتْنِ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا جَعَلُوهَا وَاحِدَةً الْحَدِيثَ فَتَمَسَّكَ بِهَذَا السِّيَاقِ مَنْ أَعَلَّ الْحَدِيثَ وَقَالَ إِنَّمَا قَالَ بن عَبَّاسٍ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَهَذَا أَحَدُ الْأَجْوِبَةِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَهِيَ مُتَعَدِّدَةٌ وَهُوَ جَوَابُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَجَمَاعَةٌ وَبِهِ جزم زَكَرِيَّا السَّاجِي من الشَّافِعِيَّة ووجبوه بِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ إِذَا قَالَ لَهَا زَوْجُهَا أَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا قَالَ ثَلَاثًا لَغَا الْعَدَدَ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كَلَامٌ مُتَّصِلٌ غَيْرُ مُنْفَصِلٍ فَكَيْفَ يَصِحُّ جَعْلُهُ كَلِمَتَيْنِ وَتُعْطَى كُلُّ كَلِمَةٍ حُكْمًا وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَنْتِ طَالِقٌ مَعْنَاهُ أَنْتِ ذَاتُ الطَّلَاقِ وَهَذَا اللَّفْظُ يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِالْوَاحِدَةِ وَبِالثَّلَاثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ الْجَوَابُ الثَّانِي دَعْوَى شُذُوذِ رِوَايَةِ طَاوُسٍ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْبَيْهَقِيِّ فَإِنَّهُ سَاق الرِّوَايَات عَن بن عَبَّاس بِلُزُوم الثَّلَاث ثمَّ نقل عَن بن الْمُنْذِرِ أَنَّهُ لَا يُظَنُّ بِابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُحْفَظْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا وَيُفْتِي بِخِلَافِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَى التَّرْجِيحِ وَالْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَكْثَرِ أَوْلَى مِنَ الْأَخْذِ بِقَوْلِ الْوَاحِد إِذا خالفهم وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ هَذَا حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ فَكَيْفَ يُقَدَّمُ عَلَى الْإِجْمَاعِ قَالَ وَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ يَعْنِي الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّ النَّسَائِيَّ أَخْرَجَهُ فَإِنَّ فِيهِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الرَّجُلَ طَلَّقَ ثَلَاثًا مَجْمُوعَةً وَلَمْ يَرُدَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَمْضَاهُ كَذَا قَالَ وَلَيْسَ فِي سِيَاقِ الْخَبَرِ تَعَرُّضٌ لِإِمْضَاءِ ذَلِكَ وَلَا لِرَدِّهِ الْجَوَابُ الثَّالِثُ دَعْوَى النَّسْخِ فَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ بن عَبَّاسٍ عَلِمَ شَيْئًا نَسَخَ ذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ ويقويه مَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015