[4] قَوْله قَالَ بن شهَاب وَأَخْبرنِي أَبُو سَلَمَةَ إِنَّمَا أَتَى بِحَرْفِ الْعَطْفِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا سَبَقَ كَأَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بِكَذَا وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بِكَذَا وَأَبُو سَلمَة هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَن هَذَا مُعَلّق وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهُ صُورَةَ التَّعْلِيقِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إِلَّا ثُبُوتُ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ فَإِنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى تَقَدُّمِ شَيْءٍ عَطَفْتَهُ وَقَدْ تقدم قَوْله عَن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ فَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ ثمَّ قَالَ قَالَ بن شِهَابٍ أَيْ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بِخَبَرٍ آخَرَ وَهُوَ كَذَا وَدَلَّ قَوْلُهُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ وَقَوْلُهُ الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءَ عَلَى تَأَخُّرِ نُزُولِ سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ عَنِ اقْرَأْ وَلَمَّا خَلَتْ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْآتِيَةُ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَجَزَمَ من جزم بِأَن يَا أَيهَا المدثر أَوَّلُ مَا نَزَلَ وَرِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ هَذِهِ الصَّحِيحَةُ تَرْفَعُ هَذَا الْإِشْكَالَ وَسِيَاقُ بَسْطِ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ اقْرَأْ قَوْلُهُ فَرُعِبْتُ مِنْهُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَلِلْأَصِيلِيِّ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ فَزِعْتُ دَلَّ عَلَى بَقِيَّةٍ بَقِيَتْ مَعَهُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ زَالَتْ بِالتَّدْرِيجِ قَوْلُهُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ زَمِّلُونِي مَرَّةً وَاحِدَةً وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ فِي التَّفْسِيرِ فَقُلْتُ دَثِّرُونِي فَنزلت يَا أَيهَا المدثر قُم فَأَنْذر أَيْ حَذِّرْ مِنَ الْعَذَابِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بك وَرَبك فَكبر أَي عظم وثيابك فطهر أَيْ مِنَ النَّجَاسَةِ وَقِيلَ الثِّيَابُ النَّفْسُ وَتَطْهِيرُهَا اجْتِنَابُ النَّقَائِصِ وَالرُّجْزُ هُنَا الْأَوْثَانُ كَمَا سَيَأْتِي مِنْ تَفْسِيرِ الرَّاوِي عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّفْسِيرِ وَالرُّجْزُ فِي اللُّغَةِ الْعَذَابُ وَسَمَّى الْأَوْثَانَ هُنَا رُجْزًا لِأَنَّهَا سَبَبُهُ قَوْلُهُ فَحَمِيَ الْوَحْيُ أَيْ جَاءَ كَثِيرًا وَفِيهِ مُطَابَقَةٌ لِتَعْبِيرِهِ عَنْ تَأَخُّرِهِ بِالْفُتُورِ إِذْ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى انْقِطَاعٍ كُلِّيٍّ فَيُوصَفُ بِالضِّدِّ وَهُوَ الْبَرَدُ قَوْلُهُ وَتَتَابَعَ تَأْكِيدُ مَعْنَوِيٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِحَمِيَ قَوِيَ وَتَتَابَعَ تكاثر وَقد وَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني وَأبي الْوَقْتِ وَتَوَاتَرَ وَالتَّوَاتُرُ مَجِيءُ الشَّيْءِ يَتْلُو بَعْضُهُ بَعْضًا مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلٍ تَنْبِيهٌ خَرَّجَ الْمُصَنِّفُ بِالْإِسْنَادِ فِي التَّارِيخِ حَدِيثَ الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ ثُمَّ عَنْ جَابِرٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ هُنَا فَزَادَ فِيهِ بَعْدَ قَوْلِهِ تَتَابَعَ قَالَ عُرْوَةُ يَعْنِي بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِ وَمَاتَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ لِخَدِيجَةَ بَيْتًا مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ قَالَ الْبُخَارِيُّ يَعْنِي قَصَبَ اللُّؤْلُؤِ قُلْتُ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا فِي مَنَاقِبِ خَدِيجَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ تَابَعَهُ الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ وَمُتَابَعَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ اللَّيْثِ هَذِهِ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَفِيهِ مِنَ اللَّطَائِفِ قَوْلُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قَوْلُهُ وَأَبُو صَالِحٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ وَقَدْ أَكْثَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ مِنَ الْمُعَلَّقَاتِ وَعَلَّقَ عَنِ اللَّيْثِ جُمْلَةً كَثِيرَةً مِنْ أَفْرَادِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ وَرِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَخْرَجَهَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ عَنْهُ مَقْرُونًا بِيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ كَالدِّمْيَاطِيِّ أَنَّهُ أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ أَسْنَدَهُ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ وَقَدْ وُجِدَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ كَاتِبِ اللَّيْثِ قَوْلُهُ وَتَابَعَهُ هِلَالُ بْنُ رَدَّادٍ بِدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ الْأُولَى مُثَقَّلَةٌ وَحَدِيثُهُ فِي الزهريات للذهلى قَوْله وَقَالَ يُونُس يَعْنِي بن يزِيد الْأَيْلِي وَمعمر هُوَ بن رَاشِدٍ بَوَادِرُهُ يَعْنِي أَنَّ يُونُسَ وَمَعْمَرًا رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَوَافَقَا عُقَيْلًا عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا بَدَلَ قَوْلِهِ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ وَالْبَوَادِرُ جَمْعُ بَادِرَةٌ وَهِيَ اللَّحْمَةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ تَضْطَرِبُ عِنْدَ فَزَعِ الْإِنْسَانِ فَالرِّوَايَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَالٌّ عَلَى الْفَزَعِ وَقَدْ بَيَّنَّا مَا فِي رِوَايَةِ يُونُسَ وَمَعْمَرٍ مِنَ الْمُخَالَفَةِ لِرِوَايَةِ عُقَيْلٍ غَيْرَ هَذَا فِي أَثْنَاءِ السِّيَاقِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى