ثَبَتَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِأَبِي ذَرٍّ قَوْلُهُ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي أَشْرَافَهَا الصَّمَدُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الصَّمَدُ السَّيِّدُ الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ لَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ فَعَلَى هَذَا هُوَ فَعَلٌ بِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ أَلَا بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرِ بَنِي أَسَدِ بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدِ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو وَائِلٍ هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى سُؤْدُدُهُ ثَبَتَ هَذَا لِلنَّسَفِيِّ هُنَا وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْهُ وَجَاءَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ فَوَصَلَهُ بِذكر بن مَسْعُودٍ فِيهِ
[4975] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ كَذَا لِلْجَمِيعِ قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قُلْتُ وَهِيَ رِوَايَةُ النَّسَفِيِّ وَهُمَا مَشْهُورَانِ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ مِمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَوْلُهُ كَذبَنِي بن آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ كَذَّبَنِي عَبْدِي قَوْلُهُ وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ثَبَتَ هُنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَكَذَا هُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَسَقَطَ بَقِيَّةُ الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَكَذَا النَّسَفِيُّ وَالْمُرَادُ بِهِ بَعْضُ بَنِي آدَمَ وَهُمْ مَنْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ وَالدَّهْرِيَّةِ وَمَنِ ادَّعَى أَنَّ لِلَّهِ وَلَدًا مِنَ الْعَرَبِ أَيْضًا وَمِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى قَوْلُهُ أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ إِنِّي لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ كَذَا لَهُمْ بِحَذْفِ الْفَاءِ فِي جَوَابِ أَمَّا وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ لَنْ يُعِيدَنِي وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ أَن يَقُول فليعيدنا كَمَا بَدَأَنَا وَهِيَ مِنْ شَوَاهِدِ وُرُودِ صِيغَةِ أَفْعَلَ بِمَعْنَى التَّكْذِيبِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فأتلوها وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَلَيْسَ بِأَوَّلِ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ مِنْ إِعَادَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى لَفْظِ أَهْوَنَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهَا بِمَعْنَى هَيِّنٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْجُهِ قَوْلُهُ وَأَنَا الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَهُوَ وِزَانُ مَا قَبْلَهُ وَوَقَعَ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَهُوَ الْتِفَاتٌ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ وَلَمْ يَكُنْ لِي بَعْدَ قَوْلِهِ لَمْ يَلِدْ وَهُوَ الْتِفَاتٌ أَيْضًا وَلَمَّا كَانَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ قَدِيمًا مَوْجُودًا قَبْلَ وُجُودِ الْأَشْيَاءِ وَكَانَ كُلُّ مَوْلُودٍ مُحْدَثًا انْتَفَتْ عَنْهُ الْوَالِدِيَّةُ وَلَمَّا كَانَ لَا يُشْبِهُهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ وَلَا يُجَانِسُهُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ صَاحِبَةٌ فَتَتَوَالَدُ انْتَفَت عَنهُ الولدية وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى أَنَّى يَكُونُ لَهُ ولد وَلم تكن لَهُ صَاحِبَة وَقد تقدم فِي تَفْسِير الْبَقَرَة حَدِيث بن عَبَّاسٍ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا لَكِنْ قَالَ فِي آخِرِهِ فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا بَدَلَ قَوْلِهِ وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ إِلَخْ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنَ الصَّحَابِيَّيْنِ حَفِظَ فِي آخِرِهِ مَا لَمْ يَحْفَظِ الْآخَرُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ نَسَبَ غَيْرَهُ إِلَى أَمْرٍ لَا يَلِيقُ بِهِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَتَمَهُ وَسَبَقَ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ تَقْرِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ كُفُوًا وَكَفِيئًا وَكِفَاءً وَاحِدٌ أَيْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَالْأَوَّلُ بِضَمَّتَيْنِ وَالثَّانِي بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ ثُمَّ الْهَمْزَةُ وَالثَّالِثُ بِكَسْرِ الْكَافِ ثُمَّ الْمَدِّ وَقَالَ الْفَرَّاءُ كُفُوًا يُثَقَّلُ وَيُخَفَّفُ أَيْ يُضَمُّ وَيُسَكَّنُ قُلْتُ وَبِالضَّمِّ قَرَأَ الْجُمْهُورُ وَفَتَحَ حَفْصٌ الْوَاوَ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَبِالسُّكُونِ قَرَأَ حَمْزَةُ وَبِهَمْزٍ فِي الْوَصْلِ وَيُبَدِّلُهَا وَاوًا فِي الْوَقْفِ وَمُرَادُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهَا لُغَاتٌ لَا قِرَاءَاتٌ نَعَمْ رُوِيَ فِي الشَّوَاذِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ بِكَسْرٍ ثُمَّ مَدٍّ وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ مِثْلُهُ لَكِنْ بِغَيْرِ مَدٍّ وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُ لَمْ يُمَاثِلْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يُشَاكِلْهُ أَوِ الْمُرَادُ نَفْيُ الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ نَفْيًا لِلْمُصَاحَبَةِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَإِنَّ سِيَاقَ الْكَلَام لنفى الْمُكَافَأَة عَن ذَاته تَعَالَى