قَالَ بن عَبَّاسٍ قَرَأْنَاهُ بَيَّنَّاهُ فَاتَّبِعْ اعْمَلْ بِهِ هَذَا التَّفْسِيرُ رَوَاهُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ بْنِ عَبَّاسٍ أخرجه بن أبي حَاتِم وَسَيَأْتِي فِي الْبَاب عَن بن عَبَّاسٍ تَفْسِيرُهُ بِشَيْءٍ آخَرَ
[4929] قَوْلُهُ إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ كَانَ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَوْطِئَةٌ لِبَيَانِ السَّبَبِ فِي النُّزُولِ وَكَانَتِ الشِّدَّةُ تَحْصُلُ لَهُ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ لِثِقَلِ الْقَوْلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَتَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِهَا فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ وَفِي حَدِيثِهَا فِي بَدْءِ الْوَحْيِ أَيْضًا وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الشِّدَّةَ فِي الْحَالَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لَكِنَّ إِحْدَاهُمَا أَشَدُّ مِنَ الْأُخْرَى قَوْلُهُ وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ اقْتَصَرَ أَبُو عَوَانَةَ عَلَى ذِكْرِ الشَّفَتَيْنِ وَكَذَلِكَ إِسْرَائِيلُ وَاقْتَصَرَ سُفْيَانُ عَلَى ذِكْرِ اللِّسَانِ وَالْجَمِيعُ مُرَادٌ إِمَّا لِأَنَّ التَّحْرِيكَيْنِ مُتَلَازِمَانِ غَالِبًا أَوِ الْمُرَادُ يُحَرِّكُ فَمَهُ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الشَّفَتَيْنِ وَاللِّسَانِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ اللِّسَانُ هُوَ الْأَصْلُ فِي النُّطْقِ اقْتَصَرَ فِي الْآيَةِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ السَّبَبَ فِي الْمُبَادَرَةِ حُصُولُ الْمَشَقَّةِ الَّتِي يَجِدُهَا عِنْدَ النُّزُولِ فَكَانَ يَتَعَجَّلُ بِأَخْذِهِ لِتَزُولَ الْمَشَقَّةُ سَرِيعًا وَبَيَّنَ فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ خَشْيَةَ أَنْ يَنْسَاهُ حَيْثُ قَالَ فَقِيلَ لَهُ لَا تحرّك بِهِ لسَانك تخشي أَن ينفلت وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَجَاءٍ عَنِ الْحَسَنِ كَانَ يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ يَتَذَكَّرُهُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّا سَنَحْفَظُهُ عَلَيْكَ وَلِلطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ عَجَّلَ يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ حُبِّهِ إِيَّاهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِمَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنْهُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا مِنْ شِدَّةِ حُبِّهِ إِيَّاهُ فَأُمِرَ أَنْ يَتَأَنَّى إِلَى أَنْ يَنْقَضِيَ النُّزُولُ وَلَا بُعْدَ فِي تَعَدُّدِ السَّبَبِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ بن عَبَّاسٍ فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا وَقَالَ سَعِيدٌ أَنا أحركهما كَمَا رَأَيْت بن عَبَّاس يحركهما فَأطلق فِي خبر بن عَبَّاسٍ وَقُيِّدَ بِالرُّؤْيَةِ فِي خَبَرِ سَعِيدٍ لِأَنَّ بن عَبَّاسٍ لَمْ يَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مَبْدَأِ الْمَبْعَثِ النَّبَوِيِّ وَلَمْ يكن بن عَبَّاسٍ وُلِدَ حِينَئِذٍ وَلَكِنْ لَا مَانِعَ أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ بعد فيراه بن عَبَّاسٍ حِينَئِذٍ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ بِسَنَدِهِ بِلَفْظ قَالَ بن عَبَّاسٍ فَأَنَا أُحَرِّكُ لَكَ شَفَتَيَّ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ إِبْرَازَ الضَّمِيرِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ حَيْثُ قَالَ فِيهَا فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لِلشَّفَتَيْنِ ذِكْرٌ فَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الروَاة