ظَرْفُ مَكَانٍ وَالْعَامِلُ فِيهِ قَالُوا وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالُوا وَالْعَامِلُ فِيهِ رَجَعُوا قَوْلُهُ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُمْ آمَنُوا عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ قَالَ وَالْإِيمَانُ يَقَعُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا بِأَنْ يَعْلَمَ حَقِيقَةَ الْإِعْجَازِ وَشُرُوطَ الْمُعْجِزَةِ فَيَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِصِدْقِ الرَّسُولِ أَوْ يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكُتُبِ الْأُولَى فِيهَا دَلَائِلُ عَلَى أَنَّهُ النَّبِيُّ الْمُبَشَّرُ بِهِ وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ فِي الْجِنِّ مُحْتَمَلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنّ زَاد التِّرْمِذِيّ قَالَ بن عَبَّاسٍ وَقَوْلُ الْجِنِّ لِقَوْمِهِمْ لَمَّا قَامَ عَبْدُ الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبدا قَالَ لَمَّا رَأَوْهُ يُصَلِّي وَأَصْحَابَهُ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ يَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ قَالَ فَتَعَجَّبُوا مِنْ طَوَاعِيَةِ أَصْحَابِهِ لَهُ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَول الْجِنّ هَذَا كَلَام بن عَبَّاسٍ كَأَنَّهُ تَقَرَّرَ فِيهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَوَّلًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهِمْ وَإِنَّمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ بِأَنَّهُمُ اسْتَمَعُوا وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصتُوا الْآيَةَ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ اجْتِمَاعِهِ بِهِمْ حِينَ اسْتَمَعُوا أَنْ لَا يَكُونَ اجْتَمَعَ بِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَفِي الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ وُجُودِ الشَّيَاطِينِ وَالْجِنِّ وَأَنَّهُمَا لِمُسَمًّى وَاحِدٍ وَإِنَّمَا صَارَا صِنْفَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ فَلَا يُقَالُ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ إِنَّهُ شَيْطَانٌ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ شُرِعَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّتُهَا فِي السَّفَرِ وَالْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَا قَضَى اللَّهُ لِلْعَبْدِ مِنْ حُسْنِ الْخَاتِمَةِ لَا بِمَا يظْهر مِنْهُ مِنَ الشَّرِّ وَلَوْ بَلَغَ مَا بَلَغَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَادَرُوا إِلَى الْإِيمَانِ بِمُجَرَّدِ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ لَوْ لَمْ يَكُونُوا عِنْدَ إِبْلِيسَ فِي أَعْلَى مَقَامَاتِ الشَّرِّ مَا اخْتَارَهُمْ لِلتَّوَجُّهِ إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْحَدَثَ الْحَادِثَ مِنْ جِهَتِهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَغَلَبَ عَلَيْهِمْ مَا قُضِي لَهُمْ مِنَ السَّعَادَةِ بِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ قِصَّةُ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ وَالْمُدَّثِّرِ)

كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَاقْتَصَرَ الْبَاقُونَ عَلَى الْمُزَّمِّلِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَفْرَدَ الْمُدَّثِّرَ بَعْدُ بِالتَّرْجَمَةِ وَالْمُزَّمِّلُ بِالتَّشْدِيدِ أَصْلُهُ الْمُتَزَمِّلُ فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الزَّايِ وَقَدْ جَاءَتْ قِرَاءَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَلَى الْأَصْلِ قَوْلُهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَتَبَتَّلْ أَخْلِصْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ قَوْلُهُ وَقَالَ الْحَسَنُ أَنْكَالًا قُيُودًا وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْأَنْكَالُ وَاحِدُهَا نِكْلٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ الْقَيْدُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ النِّكْلُ الْغُلُّ قَوْلُهُ مُنْفَطِرٌ بِهِ مُثْقَلَةٌ بِهِ وَصَلَهُ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِ السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ قَالَ مُثْقَلَةٌ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ مُثْقَلَةٌ مُوقَرَةٌ وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ مُجَاهِدٍ مُنْفَطِرٌ بِهِ تَنْفَطِرُ مِنْ ثِقَلِ رَبِّهَا تَعَالَى وعَلى هَذَا فَالضَّمِير لله وَيحْتَمل أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَعَادَ الضَّمِيرَ مُذَكَّرًا لِأَنَّ مَجَازَ السَّمَاءِ مَجَازُ السَّقْفِ يُرِيدُ قَوْلَهُ مُنْفَطِرٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفٍ وَالتَّقْدِيرُ شَيْءٌ مُنْفَطِرٌ قَوْلُهُ وَقَالَ بن عَبَّاس كثيبا مهيلا الرمل السَّائِل وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ بِهِ وَأَخْرَجَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015