خَيْرٌ مِنْ رَحْمَةٍ انْتَهَى وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مَلَكُوتٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَقَرَأَ أَبُو السِّمَاكِ بِسُكُونِهَا وَرُوِيَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَالطَّبَرِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهِيَ بِالنَّبَطِيَّةِ مَلْكُوثَا أَيْ بِسُكُونِ اللَّامِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَزِيَادَةِ أَلِفٍ وَعَلَى هَذَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْكَلِمَةُ مُعَرَّبَةً وَالْأَوْلَى مَا تقدم وَأَنَّهَا مُشْتَقَّة من ملك كَمَا وَرَدَ مِثْلُهُ فِي رَهَبُوتٍ وَجَبَرُوتٍ قَوْلُهُ وَإِنْ تَعْدِلَ تُقْسِطُ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَقَدْ حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ وَاسْتَنْكَرَهُ وَفَسَّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْعَدْلَ بِالتَّوْبَةِ قَالَ لِأَنَّ التَّوْبَةَ إِنَّمَا تَنْفَعُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَالْمَشْهُورُ مَا رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ تعدل كل عدل لَا يُؤْخَذ مِنْهَا أَيْ لَوْ جَاءَتْ بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَمْ يُقْبَلْ فَجَعَلَهُ مِنَ الْعِدْلِ بِمَعْنَى الْمِثْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ أَمَّا اشْتَمَلت عَلَيْهِ أَرْحَام الْأُنْثَيَيْنِ يَعْنِي هَلْ تَشْتَمِلُ إِلَّا عَلَى ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَلِمَ تُحَرِّمُونَ بَعْضًا وَتُحِلُّونَ بَعْضًا كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ هُنَا وَلِغَيْرِهِ فِي أَوَائِلِ التَّفَاسِيرِ وَهُوَ أَصْوَبُ وَهُوَ إِرْدَافُهُ عَلَى تَفَاسِيرِ بن عَبَّاس فقد وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ مِثْلُهُ وَوَقَعَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الرُّوَاةِ فَلِمَ تُحَرِّمُوا وَلِمَ تُحَلِّلُوا بِغَيْرِ نُونٍ فِيهِمَا وَحَذْفُ النُّونِ بِغَيْرِ نَاصِبٍ وَلَا جَازِمٍ لُغَةٌ وَقَالَ الْفَرَّاءُ قَوْلُهُ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أما اشْتَمَلت عَلَيْهِ أَرْحَام الْأُنْثَيَيْنِ يَقُولُ أَجَاءَكُمُ التَّحْرِيمُ فِيمَا حَرَّمْتُمْ مِنَ السَّائِبَةِ وَالْبَحِيرَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِ مِنْ قِبَلِ الذَّكَرَيْنِ أَمْ مِنَ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ قَالُوا مِنْ قِبَلِ الذَّكَرِ لَزِمَ تَحْرِيمَ كُلِّ ذَكَرِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُنْثَى فَكَذَلِكَ وَإِنْ قَالُوا مِنْ قِبَلِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الرَّحِمِ لَزِمَ تَحْرِيمَ الْجَمِيعِ لِأَنَّ الرَّحِمَ لَا يَشْتَمِلُ إِلَّا عَلَى ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَخْبَارِ الْجَاهِلِيَّةِ قَوْلُ بن عَبَّاسٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأِ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةً مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ يَعْنِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةَ قَوْلُهُ مَسْفُوحًا مِهْرَاقًا وَقَعَ هَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَو دَمًا مسفوحا أَي مهراقا مصبوبا وَمِنْه قَوْلهم سَفَحَ الدَّمْعُ أَيْ سَالَ قَوْلُهُ صَدَفَ أَعْرَضَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ هم يصدفون أَيْ يُعْرِضُونَ يُقَالُ صَدَفَ عَنِّي بِوَجْهِهِ أَيْ أَعْرَضَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ يَصْدِفُونَ أَيْ يُعْرِضُونَ عَنْهَا قَوْلُهُ أُبْلِسُوا أُويِسُوا كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَلِغَيْرِهِ أَيِسُوا بِغَيْرِ وَاوٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذا هم مبلسون الْمُبْلِسُ الْحَزِينُ النَّادِمُ قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ وَفِي الْوُجُوهِ صُفْرَةٌ وَإِبْلَاسٌ أَيِ اكْتِئَابٌ وَحُزْنٌ وَقَالَ الْفراء قَوْله فَإِذا هم مبلسون المبلس البائس الْمُنْقَطع رجاؤه وَكَذَلِكَ يُقَال للَّذي يَسْكُتُ عِنْدَ انْقِطَاعِ حُجَّتِهِ فَلَا يُجِيبُ قَدْ أَبْلَسَ قَالَ الْعَجَّاجُ يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِفُ رَسْمًا دَارِسًا قَالَ نَعَمْ أَعْرِفُهُ وَأَبْلَسَا وَتَفْسِيرُ المبلس بالحزين وبالبائس مُتَقَارِبٌ قَوْلُهُ أُبْسِلُوا أُسْلِمُوا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كسبوا أَيْ أُسْلِمُوا وَقَوْلُهُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى أَنْ تبسل نفس أَيْ تُرْتَهَنَ وَتُسْلَمَ قَالَ عَوْفُ بْنُ الْأَحْوَصِ وَإِبْسَالِي بَنِيَّ بِغَيْرِ جُرْمٍ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله أَن تبسل نفس قَالَ تُحْبَسُ قَالَ قَتَادَةُ وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْ تُسْلَمُ أَيْ إِلَى الْهَلَاكِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ تَفْسِيرٌ آخَرُ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ قَوْلُهُ اسْتَهْوَتْهُ أَضَلَّتْهُ هُوَ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْله تَعَالَى كَالَّذي استهوته الشَّيَاطِين هُوَ الَّذِي تُشَبِّهُ لَهُ الشَّيَاطِينُ فَيَتْبَعَهَا حَتَّى يَهْوِيَ فِي الْأَرْضِ فَيَضِلُّ قَوْلُهُ تَمْتَرُونَ تَشُكُّونَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ أَنْتُم تمترون أَيْ تَشُكُّونَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَسْبَاط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015