أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ سُورَةً يُرَى كُلُّ مَلِكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ انْتَهَى وَالثَّابِتُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الصُّورَ قَرْنٌ يَنْفُخُ فِيهِ وَهُوَ وَاحِدٌ لَا اسْمَ جَمْعٍ وَحَكَى الْفِرَاءُ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ فِي الْأَوَّلِ فَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ النَّفْخُ فِي الْمَوْتَى وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ الْحَسَنَ قَرَأَهَا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسَبَقَ النُّحَاسُ فَقَالَ لَيْسَتْ بِقِرَاءَةٍ وَأَثْبَتَهَا أَبُو الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيُّ قِرَاءَةً فِي كِتَابِهِ إِعْرَابِ الشَّوَاذِّ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ يُقَالُ عَلَى اللَّهِ حُسْبَانُهُ أَيْ حِسَابُهُ تَقَدَّمَ هَذَا فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَالشَّمْس وَالْقَمَر حسبانا قَالَ يَدُورَانِ فِي حِسَابٍ وَعَنِ الْأَخْفَشِ قَالَ حُسْبَانٌ جَمْعُ حِسَابٍ مِثْلُ شُهْبَانٍ جَمْعُ شِهَابٍ قَوْلُهُ تَعَالَى عَلَا وَقَعَ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ تَعَالَى اللَّهُ عَلَا اللَّهُ وَهُوَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ أَيْضًا قَوْلُهُ حُسْبَانًا مَرَامِيَ وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ قَوْلُهُ جَنَّ أَظْلَمَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أَيْ غَطَّى عَلَيْهِ وَأَظْلَمَ وَمَا جَنَّكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جِنَانٌ لَكَ أَيْ غِطَاءٌ قَوْلُهُ مُسْتَقَرٌّ فِي الصُّلْبِ وَمُسْتَوْدَعٌ فِي الرَّحِمِ هَكَذَا وَقَعَ هُنَا وَقَدْ قَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله فمستقر ومستودع قَالَ مُسْتَقَرٌّ فِي الرَّحِمِ وَمُسْتَوْدَعٌ فِي الصُّلْبِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مِثْلُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مُسْتَقَرٌّ فِي صُلْبِ الْأَبِ وَمُسْتَوْدَعٌ فِي رَحِمِ الْأُمِّ وَكَذَا أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ مُسْتَقَرُّهَا فِي الدُّنْيَا وَمُسْتَوْدَعُهَا فِي الْآخِرَةِ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ الْمُسْتَقَرُّ الرَّحِمُ وَالْمُسْتَوْدَعُ الأَرْض تَنْبِيه قَرَأَ أَبُو عَمْرو وبن كَثِيرٍ فَمُسْتَقِرٌّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا وَقَرَأَ الْجَمِيعُ مُسْتَوْدَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ إِلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي عَمْرٍو فَبِكَسْرِهَا قَوْلُهُ الْقِنْوُ الْعِذْقُ وَالِاثْنَانِ قِنْوَانِ وَالْجَمَاعَةُ أَيْضًا قِنْوَانٌ مثل صنْوَان وَصِنْوَانٍ كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ تَكْرِيرُ صِنْوَانٍ الْأُولَى مَجْرُورَةَ النُّونِ وَالثَّانِيَةُ مَرْفُوعَةٌ وَسَقَطَتِ الثَّانِيَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَيُوَضِّحُ الْمُرَادَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ الَّذِي هُوَ مَنْقُولٌ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طلعها قنوان قَالَ الْقِنْوُ هُوَ الْعِذْقُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ يَعْنِي الْعُنْقُودَ وَالِاثْنَانِ قِنْوَانِ وَالْجَمْعُ قِنْوَانٌ كَلَفْظِ الِاثْنَيْنِ إِلَّا أَنَّ الِاثْنَيْنِ مَجْرُورَةٌ وَنُونُ الْجَمْعِ يَدْخُلُهُ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَالْجَرُّ وَلَمْ نَجِدْ مِثْلَهُ غَيْرَ صِنْوٍ وَصِنْوَانِ وَالْجَمْعُ صِنْوَانٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى قِنْوَانٍ وَصِنْوَانٍ وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ اللَّفْظِيِّ فِي إِرَادَةِ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ فَإِذَا وَصَلَ ظَهَرَ الْفَرْقُ فَيَقَعُ الْإِعْرَابُ عَلَى النُّونِ فِي الْجَمْعِ دُونَ التَّثْنِيَةِ فَإِنَّهَا مَكْسُورَةُ النُّونِ خَاصَّةً وَيَقَعُ الْفَرْقُ أَيْضًا بِانْقِلَابِ الْأَلِفِ فِي التَّثْنِيَةِ حَالَ الْجَرِّ وَالنَّصْبِ بِخِلَافِهَا فِي الْجَمْعِ وَكَذَا بِحَذْفِ نُونِ التَّثْنِيَةِ فِي الْإِضَافَةِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ تَنْبِيهٌ قَرَأَ الْجُمْهُورُ قِنْوَانٌ بِكَسْرِ الْقَافِ وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَالْأَعْرَجُ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو بِضَمِّهَا وَهِيَ لُغَةُ قَيْسٍ وَعَنْ أَبِي عَمْرٍو رِوَايَةٌ أَيْضا بِفَتْح الْقَاف وخرجها بن جنى على أَنَّهَا اسْم جمع لِقِنْوٍ لَا جَمْعٌ وَفِي الشَّوَاذِّ قِرَاءَةٌ أُخْرَى قَوْلُهُ مَلَكُوتٌ وَمُلْكٌ رَهَبُوتٌ رَحَمُوتٌ وَتَقُولُ تُرْهِبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرْحَمَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَفِيهِ تَشْوِيشٌ وَلِغَيْرِهِ مَلَكُوتٌ مُلْكٌ مِثْلُ رَهَبُوتٌ خَيْرُ مِنْ رَحَمُوتٍ وَتَقُولُ تُرْهِبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرْحَمَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَسَّرَ مَعْنَى مَلَكُوتٍ بِمُلْكٍ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ وَزْنَهُ رَهَبُوتٌ وَرَحَمُوتٌ وَيُوَضِّحُهُ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَي ملك السَّمَاوَات خرج مخرج قَوْلهم فِي الْمَثْلِ رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ أَيْ رهبة