أَبْيَنُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْضِ يَوْمُ أُحُدٍ وَقَوْلُهُ الَّذِي يُقَاتِلُ فِيهِنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ الَّتِي وَقَوله غير طَلْحَة بن عبيد الله وَسعد بن أَبِي وَقَّاصٍ وَقَوْلُهُ عَنْ حَدِيثِهِمَا يُرِيدُ أَنَّهُمَا حَدَّثَا أَبَا عُثْمَانَ بِذَلِكَ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ مُعْتَمِرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ سُلَيْمَانُ فَقُلْتُ لِأَبِي عُثْمَانَ وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ قَالَ عَنْ حَدِيثِهِمَا وَهَذَا قَدْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي الْحَدِيثِ الْخَامِسِ أَنَّ الْمِقْدَادَ كَانَ مِمَّنْ بَقِيَ مَعَهُ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمِقْدَادَ إِنَّمَا حَضَرَ بَعْدَ تِلْكَ الْجَوْلَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ انْفِرَادُهُمَا عَنْهُ فِي بَعْضِ الْمَقَامَاتِ فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقٍ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُفْرِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي سَبْعَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّجُلَيْنِ طَلْحَةُ وَسَعْدٌ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَصْرِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ تَخْصِيصُهُ بِالْمُهَاجِرِينَ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُ هَذَيْنِ وَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى مَا أَوَّلْتُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَأَنَّهُمْ تَفَرَّقُوا فِي الْقِتَالِ فَلَمَّا وَقَعَتِ الْهَزِيمَةُ فِيمَنِ انْهَزَمَ وَصَاحَ الشَّيْطَانُ قُتِلَ مُحَمَّدٌ اشْتَغَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِهَمِّهِ وَالذَّبِّ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ سَعْدٍ ثُمَّ عَرَفُوا عَنْ قُرْبٍ بِبَقَائِهِ فَتَرَاجَعُوا إِلَيْهِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يندبهم إِلَى الْقِتَال فيشتغلون بِهِ وروى بن إِسْحَاقَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ مَالَ الرُّمَاةُ يَوْمَ أُحُدٍ يُرِيدُونَ النَّهْبَ فَأُتِينَا مِنْ وَرَائِنَا وَصَرَخَ صَارِخٌ أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَانْكَفَأْنَا رَاجِعِينَ وَانْكَفَأَ الْقَوْمُ علينا وسمى بن إِسْحَاق فِي الْمَغَازِي بِإِسْنَاد لَهُ أَن جُمْلَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْأَنْصَارِ الَّذِينَ بَقُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ زِيَادَ بْنَ السَّكَنِ قَالَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عُمَارَةُ بْنُ السَّكَنِ فِي خَمْسَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَعِنْدَ بن عَائِذٍ مِنْ مُرْسَلِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ الصَّحَابَةَ تَفَرَّقُوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى بَقِيَ مَعَهُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَلِلنَّسَائِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ تَفَرَّقَ النَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَبَقِيَ مَعَهُ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَطَلْحَةُ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَهُوَ كَحَدِيثِ أَنَسٍ إِلَّا أَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ أَرْبَعَة فلعلهم جاؤوا بَعْدَ ذَلِكَ وَعِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ ثَبَتَ مَعَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا سَبْعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَسَبْعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ سَعْدًا جَاءَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا فِي حَدِيثِهِ الَّذِي قَدمته فِي الحَدِيث الْخَامِس وَأَن الْمَذْكُور مِنَ الْأَنْصَارِ اسْتُشْهِدُوا كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فَإِنَّ فِيهِ عِنْدَ مُسْلِمٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَهُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَذَكَرَ أَنَّ الْمَذْكُورِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ اسْتُشْهِدُوا كُلُّهُمْ فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٌ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُمْ مَنْ جَاءَ وَأَمَّا الْمِقْدَادُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَمَرَّ مُشْتَغِلًا بِالْقِتَالِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا جَرَى لَطِلْحَةَ بَعْدَ هَذَا وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي الْمَغَازِي أَنَّهُ ثَبَتَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ سَبْعَةٌ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدٌ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَمِنَ الْأَنْصَارِ أَبُو دُجَانَةَ وَالْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَقِيلَ إِنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ بَدَلَ الْأَخِيرَيْنِ وَإِنْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُمْ ثَبَتُوا فِي الْجُمْلَةِ وَمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا فَأَوَّلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَدِيثُ الثَّامِنُ
[4062] قَوْلُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ هُوَ الْكِنْدِيُّ وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ قَوْلُهُ إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ طَلْحَة يَعْنِي بن عُبَيْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ يَوْمِ أُحُدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْجِهَادِ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ طَلْحَةَ ظَاهَرَ يَوْمَ أحد بَين درعين وَذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ طَلْحَةَ جَلَسَ تَحْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَعِدَ الْجَبَلَ قَالَ فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ يَقُولُ أَوْجَبَ طَلْحَةُ الْحَدِيثُ التَّاسِعُ