(قَوْلُهُ بَابُ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا)

أَيْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُقَاتِلًا لِلْمُشْرِكِينَ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ أَفْضَلِيَّتِهِمْ لَا مُطْلَقَ فَضْلِهِمْ

[3982] قَوْلُهُ أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بدر هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ والمثلثة بن سُرَاقَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَأَبُوهُ سُرَاقَةُ لَهُ صُحْبَةٌ وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَوْلُهُ فَجَاءَتْ أُمُّهُ هِيَ الرُّبَيِّعُ بِالتَّشْدِيدِ بِنْتُ النَّضْرِ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَوَقَعَ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ الرّبيع بِالتَّخْفِيفِ بن الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ وَقَالَ هُوَ وَهَمٌ وَإِنَّمَا الصَّوَابُ أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ الرُّبَيِّعُ عَمَّةُ الْبَرَاءِ وَقَدْ ذُكِرَتْ مَبَاحِثُ ذَلِكَ مُسْتَوْفَاةً هُنَاكَ مَعَ شَرْحِ الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ وَيْحَكَ هِيَ كَلِمَةُ رَحْمَةٍ وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهَا لِلتَّوْبِيخِ وَقَوْلُهُ هُبِلَتْ بِضَمِّ الْهَاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ أَيْ ثُكِلَتْ وَهُوَ بِوَزْنِهِ وَقَدْ تُفْتَحُ الْهَاءُ يُقَالُ هَبِلَتْهُ أُمُّهُ تُهَبِّلُهُ بِتَحْرِيكِ الْهَاءِ أَيْ ثَكِلَتْهُ وَقَدْ يَرِدُ بِمَعْنَى الْمَدْحِ وَالْإِعْجَابِ قَالُوا أَصْلُهُ إِذَا مَاتَ الْوَلَدُ فِي الْهُبَلِ هُوَ مَوْضِعُ الْوَلَدِ مِنَ الرَّحِمِ فَكَأَنَّ أُمَّهُ وُجِعَ مِهْبَلُهَا بِمَوْتِ الْوَلَدِ فِيهِ وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ الْمَعْنَى أَجَهِلْتَ وَلَمْ يَقَعْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ هُبِلَتْ بِمَعْنَى جَهِلَتْ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْقِصَّةِ فِي فَتْحِ مَكَّةَ مُسْتَوْفًى وَذَكَرَ الْبَرْقَانِيُّ أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ نَحْوَ هَذَا الحَدِيث من طَرِيق بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ مُسْتَوْفًى وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا الِاسْتِدْلَالُ عَلَى فَضْلِ أَهْلِ بَدْرٍ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَذْكُورِ وَهِيَ بِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ لَمْ تَقَعْ لِغَيْرِهِمْ وَوَقَعَ الْخَبَرُ بِأَلْفَاظٍ مِنْهَا فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَمِنْهَا فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ وَمِنْهَا لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ لَكِنْ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّ التَّرَجِّي فِي كَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِ رَسُوله الموقوع وَعند أَحْمد وَأبي دَاوُد وبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْجَزْمِ وَلَفْظُهُ إِنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَعِنْدَ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا لَنْ يَدْخُلَ النَّارَ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا وَقَدِ اسْتُشْكِلَ

[3983] قَوْلُهُ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ وَهُوَ خِلَافُ عَقْدِ الشَّرْعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنِ الْمَاضِي أَيْ كُلُّ عَمَلٍ كَانَ لَكُمْ فَهُوَ مَغْفُورٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنَ الْعَمَلِ لَمْ يَقَعْ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَلَقَالَ فَسَأَغْفِرُهُ لَكُمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْمَاضِي لَمَا حَسُنَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ فِي قِصَّةِ حَاطِبٍ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاطَبَ بِهِ عُمَرَ مُنْكِرًا عَلَيْهِ مَا قَالَ فِي أَمْرِ حَاطِبٍ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ كَانَتْ بَعْدَ بَدْرٍ بِسِتِّ سِنِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا سَيَأْتِي وَأَوْرَدَهُ فِي لَفْظِ الْمَاضِي مُبَالَغَةً فِي تَحْقِيقِهِ وَقِيلَ إِنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ اعْمَلُوا لِلتَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِيمِ وَالْمُرَادُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ خُصُّوا بِذَلِكَ لِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْحَالِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي اقْتَضَتْ مَحْوَ ذنوبهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015