الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ بَعْدَ بِضْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَسَيَأْتِي شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ وَمَضَى شَيْءٌ مِنْهُ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ عُمَرَ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَيحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ الَّذِي لَا يَثْبُتُ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ الْحَدِيثُ السَّادِسُ
[3899] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْفَرَادِيسِيُّ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو النَّضْرِ نَسَبَهُ هُنَا إِلَى جَدِّهِ وَكَذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ وَفِي الْجِهَادِ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ الْفَرَادِيسِيُّ الْكَلَابَاذِيُّ وَآخَرُونَ وَتَفَرَّدَ الْبَاجِيُّ فَأَفْرَدَهُ بِتَرْجَمَةٍ وَنَسَبَهُ خُرَاسَانِيًّا وَلَمْ يُعْرَفْ مَنْ حَالِهِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى قَوْلُهُ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ بِضَمِّ اللَّامِ وَالْمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَةٌ الْأَسَدِيُّ كُوفِيٌّ نَزَلَ دِمَشْقَ وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِمِ وَلَا يُعْرَفُ اسْمُ أَبِيهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا مِنَ الْعِرَاقِ أَفْضَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ هَذَا مَوْقُوفٌ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الَّذِي بَعْدَهُ الْحَدِيثُ السَّابِعُ
[3900] قَوْلُهُ قَالَ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَحَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ أَفْرَدَهُمَا فِي أَوَاخِرِ غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَأَوْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَزِيدَ الْمَذْكُورِ بِإِسْنَادِهِ وَأَخْرَجَ بن حِبَّانَ الثَّانِيَ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ انْقِطَاعِ فَضِيلَةِ الْهِجْرَةِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ فَذَكَرَهُ قَوْلُهُ عَن عَطاء فِي رِوَايَة بن حِبَّانَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَوْلُهُ زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الطَّوَافِ مِنَ الْحَجِّ أَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ مُجَاوِرَةً فِي جَبَلِ ثَبِيرٍ قَوْلُهُ فَسَأَلَهَا عَنِ الْهِجْرَةِ أَيِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الْفَتْحِ وَاجِبَةً إِلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَأَصْلُ الْهِجْرَةِ هَجْرُ الْوَطَنِ وَأَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى مَنْ رَحَلَ مِنَ الْبَادِيَةِ إِلَى الْقَرْيَةِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْأُمَوِيِّ فِي الْمَغَازِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَطَاءٍ فَقَالَتْ إِنَّمَا كَانَتِ الْهِجْرَةُ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ قَوْلُهُ لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ أَيْ بَعْدَ الْفَتْحِ قَوْلُهُ كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَخْ أَشَارَتْ عَائِشَةُ إِلَى بَيَانِ مَشْرُوعِيَّةِ الْهِجْرَةِ وَأَنَّ سَبَبَهَا خَوْفُ الْفِتْنَةِ وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ اتَّفَقَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ مِنْهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إِذَا قَدَرَ عَلَى إِظْهَارِ الدِّينِ فِي بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ فَقَدْ صَارَتِ الْبَلَدَ بِهِ دَارَ إِسْلَامٍ فَالْإِقَامَةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنَ الرِّحْلَةِ مِنْهَا لِمَا يُتَرَجَّى مِنْ دُخُولِ غَيْرِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ فِي بَابِ وُجُوبِ النَّفِيرِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَتِ الْهِجْرَةُ أَيْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مَطْلُوبَةً ثُمَّ افْتُرِضَتْ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى حَضْرَتِهِ لِلْقِتَالِ مَعَهُ وَتَعَلُّمِ شَرَائِعِ الدِّينِ وَقَدْ أَكَّدَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ آيَاتٍ حَتَّى قَطَعَ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ مَنْ هَاجَرَ وَمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ فَقَالَ تَعَالَى وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يهاجروا فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ وَدَخَلَ النَّاسُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ جَمِيعِ الْقَبَائِلِ سَقَطَتِ الْهِجْرَةُ الْوَاجِبَةُ وَبَقِيَ الِاسْتِحْبَابُ وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ يَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقٍ أُخْرَى بِقَوْلِهِ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ أَيْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ لَا تَنْقَطِعُ أَيْ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ فِي حَقِّ مَنْ أَسْلَمَ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ لَا هِجْرَةَ أَيْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ كَانَ بِنِيَّةِ عَدَمِ الرُّجُوعِ إِلَى الْوَطَنِ الْمُهَاجَرِ مِنْهُ إِلَّا بِإِذْنٍ وَقَوْلُهُ لَا تَنْقَطِعُ أَيْ هِجْرَةُ مَنْ هَاجَرَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَصْفِ مِنَ الْأَعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ قُلْتُ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشِّقِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَنْفِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ وَبِالشِّقِّ الْآخَرِ الْمُثْبَتِ مَا ذَكَرَهُ فِي الِاحْتِمَالِ الَّذِي قبله وَقد أفْصح بن عُمَرَ بِالْمُرَادِ فِيمَا أَخْرَجَهُ