مُسْتَوْدَعُ الثِّيَابِ وَالْأَوَّلُ أَمْرٌ بَاطِنٌ وَالثَّانِي أَمْرٌ ظَاهِرٌ فَكَأَنَّهُ ضَرَبَ الْمَثَلَ بِهِمَا فِي إِرَادَةِ اخْتِصَاصِهِمْ بِأُمُورِهِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَكُلٌّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ مُسْتَوْدَعٌ لِمَا يُخْفَى فِيهِ قَوْلُهُ وَقَدْ قَضَوُا الَّذِي عَلَيْهِمْ وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ يُشِيرُ إِلَى مَا وَقَعَ لَهُمْ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ من الْمُبَايعَة فانهم بَايعُوا على ان يؤوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْصُرُوهُ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ فَوَفَوْا بِذَلِكَ

[3800] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا بن الْغَسِيلِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ الْأَنْصَارِيُّ وَحَنْظَلَةُ هُوَ غَسِيلُ الْمَلَائِكَةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورُ يُكَنَّى أَبَا سُلَيْمَانَ قَوْلُهُ مِلْحَفَةٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ قَوْلُهُ مُتَعَطِّفًا بِهَا أَيْ مُتَوَشِّحًا مُرْتَدِيًا وَالْعِطَافُ الرِّدَاءُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوَضْعِهِ عَلَى الْعِطْفَيْنِ وَهُمَا نَاحِيَتَا الْعُنُقِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْأَرْدِيَةِ مَعَاطِفُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهِيَ مَا يُشَدُّ بِهِ الرَّأْسُ وَغَيْرُهَا وَقِيلَ فِي الرَّأْسِ بِالتَّاءِ وَفِي غَيْرِ الرَّأْسِ يُقَالُ عِصَابٌ فَقَطْ وَهَذَا يَرُدُّهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَصَبَ بَطْنَهُ بعصابة قَوْله دسماء أَي لَوْنهَا كَلَوْنِ الدَّسَمِ وَهُوَ الدُّهْنُ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهَا سَوْدَاءُ لَكِنْ لَيْسَتْ خَالِصَةَ السَّوَادِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اسْوَدَّتْ مِنَ الْعَرَقِ أَوْ مِنَ الطِّيبِ كَالْغَالِيَةِ وَوَقَعَ فِي الْجُمُعَةِ دَسِمَةٌ بِكَسْرِ السِّينِ وَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّهَا كَانَتْ حَاشِيَةَ الْبُرْدِ وَالْحَاشِيَةُ غَالِبًا تَكُونُ مِنْ لَوْنٍ غَيْرِ لَوْنِ الْأَصْلِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْعِصَابَةِ الْعِمَامَة وَمِنْه حَدِيث مسح عَلَى الْعَصَائِبِ قَوْلُهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ تَبَيَّنَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي قَبْلَهُ سَبَبُ ذَلِكَ وَعُرِفَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَتَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَزَادَ وَكَانَ آخِرُ مَجْلِسٍ جَلَسَهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَإِنَّ النَّاسَ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ أَيْ أَنَّ الْأَنْصَارَ يَقِلُّونَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى دُخُولِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فِي الْإِسْلَامِ وَهُمْ أَضْعَافُ أَضْعَافِ قَبِيلَةِ الْأَنْصَارِ فَمَهْمَا فُرِضَ فِي الْأَنْصَارِ مِنَ الْكَثْرَةِ كَالتَّنَاسُلِ فُرِضَ فِي كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ أُولَئِكَ فَهُمْ أَبَدًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِمْ قَلِيلٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُمْ يَقِلُّونَ مُطْلَقًا فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ لِأَنَّ الْمَوْجُودِينَ الْآنَ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِمَّنْ يَتَحَقَّقُ نَسَبُهُ إِلَيْهِ أَضْعَافُ مَنْ يُوجَدُ مِنْ قَبِيلَتَيْ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجُ مِمَّنْ يَتَحَقَّقُ نَسَبُهُ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى كَثْرَةِ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْهُمْ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ أَيْ فِي الْقِلَّةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ غَايَةَ قِلَّتِهِمُ الِانْتِهَاءَ إِلَى ذَلِكَ وَالْمِلْحُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جُمْلَةِ الطَّعَامِ جُزْءٌ يَسِيرٌ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمُعْتَدِلُ قَوْلُهُ فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعُهُ قِيلَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَكُونُ فِي الْأَنْصَارِ قُلْتُ وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ إِذْ لَا يَمْتَنِعُ التَّوْصِيَةُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَقَعَ الْجَوْرُ وَلَا التَّوْصِيَةُ لِلْمَتْبُوعِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ قَوْلُهُ وَيَتَجَاوَزُ عَنْ مُسِيئِهِمْ أَيْ فِي غَيْرِ الْحُدُود وَحُقُوق النَّاس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015