(قَوْلُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبك عَبدة زَكَرِيَّا إِلَى قَوْلِهِ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سميا)
فِي زَكَرِيَّا أَرْبَعُ لُغَاتٍ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ وَحَذْفُ الْأَلْفِ مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَفِيهِ تَشْدِيدُهَا أَيْضًا وَحَذْفُهَا وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ لَا يُصْرَفُ مَعَ الْمَدِّ وَالْقصر قَوْله قَالَ بن عَبَّاس مثلا وَصله بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سميا يَقُولُ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ مِثْلًا أَوْ شَبَهًا وَمِنْ طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قبل سميا قَالَ لَمْ يُسَمَّ يَحْيَى قَبْلَهُ غَيْرَهُ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ قَوْلُهُ يُقَالُ رَضِيًّا مَرْضِيًّا حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ قَالَ مَرْضِيًّا تَرْضَاهُ أَنْتَ وَعِبَادُكَ قَوْلُهُ عِتِيًّا عِصِيًّا عَتَا يَعْتُو كَذَا فِيهِ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالصَّوَابُ بِالسِّينِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ مَا أَدْرِي أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عِتِيًّا أَوْ عِسِيًّا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَقد بلغت من الْكبر عتيا كُلُّ مُبَالِغٍ مِنْ كِبْرٍ أَوْ كُفْرٍ أَوْ فَسَادٍ فَقَدْ عَتَا يَعْتُو عِتِيًّا قَوْلُهُ ثَلَاثَ لَيَال سويا وَيُقَالُ صَحِيحًا هُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زيد بن أسلم أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ ثَلَاثَ لَيَال سويا وَأَنْتَ صَحِيحٌ فَحُبِسَ لِسَانُهُ فَكَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ وَيُسَبِّحُ وَلَا يَسْتَطِيع أَن يكلم النَّاس أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ اعْتُقِلَ لِسَانُهُ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ قَوْلُهُ فَأَوْحَى فَأَشَارَ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُمْ قَوْلُهُ حَفِيًّا لَطِيفًا هُوَ قَول بن عَبَّاس أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ إِنَّه كَانَ بِي حفيا أَيْ مُحْتَفِيَا يُقَالُ تَحَفَّيْتُ بِفُلَانٍ قَوْلُهُ عَاقِرًا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْعَاقِرُ الَّتِي لَا تَلِدُ وَالْعَاقِرُ الَّذِي لَا يَلِدُ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ لَبِئْسَ الْفَتَى إِنْ كنت أَعْوَرَ عَاقِرًا جَبَانًا فَمَا عُذْرِي لَدَى كُلِّ مَحْضَرِ وَقَالَ أَيْضًا لَفْظُ الذَّكَرِ فِيهِ مِثْلُ لَفْظِ الْأُنْثَى قَالَ الثَّعْلَبِيُّ وُلِدَ يَحْيَى وَعَمَّرَ زَكَرِيَّا مائَة وَعِشْرُونَ سَنَةً وَقِيلَ تِسْعِينَ وَقِيلَ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَقِيلَ مِائَةً إِلَّا سَنَتَيْنِ وَقِيلَ إِلَّا سَنَةً ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذِكْرُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَقَالَ فِيهِ وَفِي عِيسَى بن مَرْيَم إنَّهُمَا ابْنا خَالَة وزَكَرِيا هُوَ بن ادن وَيُقَال بن شبوي وَيُقَال بن بارخيا وَيُقَال بن أبي بن بَارْخِيَا وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بْنِ نَاشِي وَهُمَا مِنْ ذُرِّيَّةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَاسْمُ أُمِّ مَرْيَمَ حِنَةُ بِمُهْمَلَةٍ وَنُونٍ بِنْتُ فَاقُودَ وَاسْمُ أُخْتِهَا وَالِدَةُ يَحْيَى إِيشَاعُ قَالَ بن إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَإِ كَانَتْ حِنَةُ عِنْدَ عِمْرَانَ وَأُخْتُهَا عِنْدَ زَكَرِيَّا وَكَانَتْ حِنَةُ أَمْسَكَ عَنْهَا الْوَلَدُ ثُمَّ حَمَلَتْ بِمَرْيَمَ فَمَاتَ عِمْرَانُ وَهِيَ حَامِل وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنِ أَنَسٍ يَقُولُ بَلَغَنِي أَن عِيسَى بن مَرْيَمٍ وَيَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا كَانَ حَمْلُهُمَا جَمِيعًا فَبَلَغَنِي أَنَّ أُمَّ يَحْيَى قَالَتْ لِمَرْيَمَ إِنِّي أَرَى مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِمَا فِي بَطْنِكِ قَالَ مَالِكٌ أَرَاهُ لِفَضْلِ عِيسَى عَلَى يَحْيَى وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ وُلِدَ يَحْيَى قَبْلَ عِيسَى بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبيا فَقيل نبىء وَهُوَ بن تِسْعِ سِنِينَ وَقِيلَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بالحكم الْفَهم فِي الدّين قَالَ بن إِسْحَاقَ كَانَ زَكَرِيَّا وَابْنُهُ آخِرَ مَنْ بُعِثَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَبْلَ عِيسَى وَقَالَ أَيْضًا أَرَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ قَتْلَ زَكَرِيَّا فَفَرَّ مِنْهُمْ فَمَرَّ بِشَجَرَةٍ فَانْفَلَقَتْ لَهُ فَدَخَلَ فِيهَا فَالْتَأَمَتْ عَلَيْهِ فَأَخَذَ الشَّيْطَانُ بِهُدْبَةِ ثَوْبِهِ فَرَأَوْهَا فَوَضَعُوا الْمِنْشَارَ عَلَى الشَّجَرَةِ فَنَشَرُوهَا حَتَّى قَطَعُوهُ مِنْ وَسَطِهِ فِي جَوْفِهَا وَأَمَّا يَحْيَى فَقُتِلَ بِسَبَبِ امْرَأَةٍ أَرَادَ مَلِكُهُمْ