اللَّهِ أَوْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَنِقْمَتِهِ قَوْلُهُ وَلَا يَقْرَبُكَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ قَوْلُهُ وَكَانُوا أَيِ الصَّحَابَةُ أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ فِيهِ الْتِفَاتٌ إِذِ السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ وَكُنَّا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ مُدْرَجًا مِنْ كَلَامِ بَعْضِ رُوَاتِهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ مَسُوقٌ لِلِاعْتِذَارِ عَنْ تَخْلِيَةِ سَبِيلِهِ بَعْدَ الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ حِرْصًا عَلَى تَعْلِيمِ مَا يَنْفَعُ قَوْلُهُ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ صَدَقَ الْخَبِيثُ وَهُوَ كَذُوبٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ أَو مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ مُذْ ثَلَاثٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مُنْذُ ثَلَاثٍ قَوْلُهُ ذَاكَ شَيْطَانٌ كَذَا لِلْجَمِيعِ أَيْ شَيْطَانٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَوَقَعَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ ذَاكَ الشَّيْطَانُ وَاللَّامُ فِيهِ للْعهد الذهنى وَقَدْ وَقَعَ أَيْضًا لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عِنْد بن أَبِي الدُّنْيَا قِصَصٌ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يُشْبِهُ قِصَّةَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا قِصَّةَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الَّتِي ذَكَرْتُهَا وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّعَدُّدِ فَفِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ لَهُ جُرْنٌ فِيهِ تَمْرٌ وَأَنَّهُ كَانَ يَتَعَاهَدُهُ فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ فَإِذَا هُوَ بِدَابَّةٍ شِبْهَ الْغُلَامِ الْمُحْتَلِمِ فَقُلْتُ لَهُ أَجِنِّيٌّ أَمْ إِنْسِيٌّ قَالَ بَلْ جِنِّيٌّ وَفِيهِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ بَلَغَنَا أَنَّكَ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ وَأَحْبَبْنَا أَنْ نُصِيبَ مِنْ طَعَامِكَ قَالَ فَمَا الَّذِي يجيرنا مِنْكُمْ قَالَ هَذِهِ الآيةُ آيَةُ الْكُرْسِيِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَدَقَ الْخَبِيثُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ سَهْوَةٌ أَيْ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَهِيَ الصُّفَّةُ فِيهَا تَمْرٌ وَكَانَتِ الْغُولُ تَجِيء فتأخذ مِنْهُ فَشَكَى ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِذَا رَأَيْتَهَا فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ فَأَخَذَهَا فَحَلَفَتْ أَنْ لَا تَعُودَ فَذَكَرَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَقَالَتْ إِنِّي ذَاكِرَةٌ لَكَ شَيْئًا آيَةَ الْكُرْسِيِّ اقْرَأْهَا فِي بَيْتِكَ فَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ وَلَا غَيْرُهُ الْحَدِيثُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ لَمَّا قَطَعَ تَمْرَ حَائِطِهِ جَعَلَهَا فِي غُرْفَةٍ وَكَانَتِ الْغُولُ تُخَالِفُهُ فَتَسْرِقُ تَمْرَهُ وَتُفْسِدُهُ عَلَيْهِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ سَوَاءٌ وَقَالَ فِي آخِرِهِ وَأَدُلُّكَ عَلَى آيَةٍ تَقْرَؤُهَا فِي بَيْتِكَ فَلَا يُخَالَفُ إِلَى أَهْلِكَ وَتَقْرَؤُهَا عَلَى إِنَائِكَ فَلَا يُكْشَفُ غِطَاؤُهُ وَهِيَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ حَلَّتِ اسْتَهَا فَضَرَطَتْ الْحَدِيثَ وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى حَائِطِهِ فَسَمِعَ جَلَبَةً فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ أَصَابَتْنَا السَّنَةُ فَأَرَدْتُ أَنْ أُصِيبَ مِنْ ثِمَارِكُمْ قَالَ لَهُ فَمَا الَّذِي يُعِيذُنَا مِنْكُمْ قَالَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ قَوْلُهُ وَهُوَ كَذُوبٌ مِنَ التَّتْمِيمِ الْبَلِيغِ الْغَايَةِ فِي الْحُسْنِ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ الصِّدْقَ فَأَوْهَمَ لَهُ صِفَةَ الْمَدْحِ ثُمَّ اسْتَدْرَكَ ذَلِكَ بِصِفَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الذَّمِّ بِقَوْلِهِ وَهُوَ كَذُوبٌ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَعْلَمُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُؤْمِنُ وَأَنَّ الْحِكْمَةَ قَدْ يَتَلَقَّاهَا الْفَاجِرُ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَتُؤْخَذُ عَنْهُ فَيَنْتَفِعُ بِهَا وَأَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَعْلَمُ الشَّيْءَ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ وَأَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَصْدُقُ بِبَعْضِ مَا يَصْدُقُ بِهِ الْمُؤْمِنُ وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُؤْمِنًا وَبِأَنَّ الْكَذَّابَ قَدْ يَصْدُقُ وَبِأَنَّ الشَّيْطَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكْذِبَ وَأَنَّهُ قَدْ يَتَصَوَّرُ بِبَعْضِ الصُّوَرِ فَتُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ وَأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا ترونهم مَخْصُوصٌ بِمَا إِذَا كَانَ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا وَأَنَّ مَنْ أُقِيمَ فِي حِفْظِ شَيْءٍ سُمِّيَ وَكِيلًا وَأَنَّ الْجِنَّ يَأْكُلُونَ مِنْ طَعَامِ الْإِنْسِ وَأَنَّهُمْ يَظْهَرُونَ لِلْإِنْسِ لَكِنْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامِ الْإِنْسِ وَأَنَّهُمْ يَسْرِقُونَ وَيَخْدَعُونَ وَفِيهِ فَضْلُ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَفَضْلُ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَأَنَّ الْجِنَّ يُصِيبُونَ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ السَّارِقَ لَا يُقْطَعُ فِي الْمَجَاعَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَدْرُ الْمَسْرُوقُ لَمْ يَبْلُغِ النِّصَابَ وَلِذَلِكَ جَازَ لِلصَّحَابِيِّ الْعَفْوُ عَنْهُ قَبْلَ تَبْلِيغِهِ إِلَى الشَّارِعِ وَفِيهِ قَبُولُ الْعُذْرِ وَالسَّتْرِ عَلَى مَنْ يُظَنُّ بِهِ الصِّدْقُ وَفِيهِ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ جَمْعِ زَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ لَيْلَةِ الْفِطْرِ