مِنَ الْأَعْذَارِ الَّتِي تُبِيحُ الْإِفْطَارَ وَقَدْ نَقَلَ بن التِّينِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ لِضَيْفٍ نَزَلَ بِهِ وَلَا لِمَنْ حَلَفَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ هُوَ بِاللَّهِ لَيُفْطِرَنَّ كَفَّرَ وَلَا يُفْطِرُ وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا زَارَ أُمَّ سُلَيْمٍ لَمْ يفْطر وَكَانَ صَائِما تَطَوّعا وَقد انصف بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ فَقَالَ لَيْسَ فِي تَحْرِيمِ الْأَكْلِ فِي صُورَةِ النَّفْلِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إِلَّا الْأَدِلَّةُ الْعَامَّةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم إِلَّا أَنَّ الْخَاصَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ كَحَدِيثِ سَلْمَانَ وَقَوْلُ الْمُهَلَّبِ إِنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ أَفْطَرَ مُتَأَوِّلًا وَمُجْتَهِدًا فَيَكُونُ مَعْذُورًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَا يَنْطَبِقُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَلَوْ أَفْطَرَ أَحَدٌ بِمِثْلِ عُذْرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَهُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوَّبَ فِعْلَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَتَرْقَى عَنْ مَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ إِلَى نَصِّ الرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَمَنِ احْتَجَّ فِي هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم فَهُوَ جَاهِلٌ بِأَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ النَّهْيُ عَنِ الرِّيَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ بِالرِّيَاءِ بَلْ أَخْلِصُوهَا لِلَّهِ وَقَالَ آخَرُونَ لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ بِارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ النَّهْيَ عَنْ إِبْطَالِ مَا لَمْ يَفْرِضْهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِنَذْرٍ وَغَيْرِهِ لَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِفْطَارُ إِلَّا بِمَا يُبِيحُ الْفِطْرَ مِنَ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ الَّتِي فَرَغْنَا مِنْهَا الْآنَ أَوَّلُ أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ بَدَأَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا بِحُكْمِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ هَلْ يَلْزَمُ تَمَامُهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ أَمْ لَا ثُمَّ أَوْرَدَ بَقِيَّةَ أَبْوَابِهِ على مَا اخْتَارَهُ من التَّرْتِيب
أَيِ اسْتِحْبَابُهُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ لِمَا فِي عُمُومِهِ مِنَ التَّخْصِيصِ وَفِي مُطْلَقِهِ مِنَ التَّقْيِيدِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَسُمِّيَ شَعْبَانَ لِتَشَعُّبِهِمْ فِي طَلَبِ الْمِيَاهِ أَوْ فِي الْغَارَاتِ بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ شَهْرُ رَجَبٍ الْحَرَامِ وَهَذَا أَوْلَى مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ
[1969] قَوْلُهُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ هُوَ سَالِمٌ الْمَدَنِيُّ زَادَ مُسْلِمٌ مَوْلَى عمر بن عبيد الله وَفِي رِوَايَة بن وَهْبٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْغَرَائِبِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ قَوْلُهُ عَنْ عَائِشَةَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ وَهُوَ فِي ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ وَقَوْلُهُ
[] فِيهِ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَاتَّفَقَ أَبُو النَّضْرِ وَيَحْيَى وَوَافَقَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَزَيْدُ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ عِنْدَ