عَلَيْهِ الْمَصْلَحَةُ وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّائِلِ وَفِيهِ النُّصْحُ لِلْمُسْلِمِ وَتَنْبِيهُ مَنْ أَغْفَلَ وَفِيهِ فَضْلُ قِيَامِ آخِرِ اللَّيْلِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ تَزَيُّنِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَثُبُوتُ حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ فِي حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ ثُبُوتُ حَقِّهَا فِي الْوَطْءِ لِقَوْلِهِ وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ثُمَّ قَالَ وَائْتِ أَهْلَكَ وَقَرَّرَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ النَّهْيِ عَنِ الْمُسْتَحَبَّاتِ إِذَا خَشِيَ أَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى السَّآمَةِ وَالْمَلَلِ وَتَفْوِيتِ الْحُقُوقِ الْمَطْلُوبَةِ الْوَاجِبَةِ أَوِ الْمَنْدُوبَةِ الرَّاجِحِ فِعْلُهَا عَلَى فِعْلِ الْمُسْتَحَبِّ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا الْوَعِيدُ الْوَارِدُ عَلَى مِنْ نَهَى مُصَلِّيًا عَنِ الصَّلَاةِ مَخْصُوصٌ بِمَنْ نَهَاهُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا وَفِيهِ كَرَاهِيَةُ الْحَمْلِ عَلَى النَّفْسِ فِي الْعِبَادَةِ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَفِيهِ جَوَازُ الْفِطْرِ مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ كَمَا تَرْجَمَ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَلَمْ يَجْعَلُوا عَلَيْهِ قَضَاءً إِلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاق عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ ضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا كَمَنْ ذَهَبَ بِمَالٍ لِيَتَصَدَّقَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِبَعْضِهِ وَأَمْسَكَ بَعْضَهُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ صَائِمَةٌ فَدَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ ثُمَّ سَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَكُنْتِ تَقْضِينَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ قَالَتْ لَا قَالَ فَلَا بَأْسَ وَفِي رِوَايَةٍ إِنْ كَانَ مِنْ قَضَاءٍ فَصَوْمِي مَكَانَهُ وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَإِنْ شِئْتِ فَاقْضِهِ وَإِنْ شِئْتِ فَلَا تَقْضِهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَعَنْ مَالِكٍ الْجَوَازُ وَعَدَمُ الْقَضَاءِ بِعُذْرٍ وَالْمَنْعُ وَإِثْبَاتُ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ مُطلقًا ذكره الطَّحَاوِيّ وَغَيره وَشبهه بِمن أفسد حج التَّطَوُّع فَإِن عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ اتِّفَاقًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَجَّ امْتَازَ بِأَحْكَامٍ لَا يُقَاسُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ فِيهَا فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ يُؤْمَرُ مُفْسِدُهُ بِالْمُضِيِّ فِي فَاسِدِهِ وَالصِّيَامُ لَا يُؤْمَرُ مُفْسِدُهُ بِالْمُضِيِّ فِيهِ فَافْتَرَقَا وَلِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ وَأغْرب بن عَبْدِ الْبَرِّ فَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَمَّنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ بِعُذْرٍ وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ بِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ فَعُرِضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَرَتْنِي إِلَيْهِ حَفْصَةُ وَكَانَتْ بِبَيْتِ أَبِيهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ فَقَالَ اقْضِيَا يَوْمًا آخر مَكَانَهُ قَالَ التِّرْمِذِيّ رَوَاهُ بن أَبِي حَفْصَةَ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَ هَذَا وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَزِيَادُ بن سعد وبن عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْحُفَّاظِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَة مُرْسلا وَهُوَ أصح لِأَن بن جُرَيْجٍ ذَكَرَ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ عَنْهُ فَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَكِنْ سَمِعْتُ مِنْ نَاسٍ عَنْ بَعْضِ مَنْ سَأَلَ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ ثُمَّ أَسْنَدَهُ كَذَلِكَ وَقَالَ النَّسَائِيّ هَذَا خطا وَقَالَ بن عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَتِهِ سُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنْهُ أَهْوَ عَنْ عُرْوَةَ فَقَالَ لَا وَقَالَ الْخَلَّالُ اتَّفَقَ الثِّقَاتُ عَلَى إِرْسَالِهِ وَشَذَّ مَنْ وَصَلَهُ وَتَوَارَدَ الْحُفَّاظُ عَلَى الْحُكْمِ بِضَعْفِ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَقَدْ رَوَاهُ مَنْ لَا يُوثَقُ بِهِ عَنْ مَالِكٍ مَوْصُولًا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ وَبَيَّنَ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ إِنَّ صِيَامَهُمَا كَانَ تَطَوُّعًا وَلَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ زُمَيْلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِجَهَالَةِ حَالِ زُمَيْلٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا فَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُفْطِرُ مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي بَابِ مَنْ نَوَى بِالنَّهَارِ صَوْمًا وَزَادَ فِيهِ بَعْضُهُمْ فَأَكَلَ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ أَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ وَقَدْ ضَعَّفَ النَّسَائِيُّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَحَكَمَ بِخَطَئِهَا وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَمْرِ بِالْقَضَاءِ عَلَى النَّدْبِ وَأَمَّا قَوْلُ الْقُرْطُبِيِّ يُجَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ بِأَنَّ إِفْطَارَ أَبِي الدَّرْدَاءِ كَانَ لِقَسَمِ سَلْمَانَ وَلِعُذْرِ الضِّيَافَةِ فَيُتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعُذْرَ