أَمَّا التَّعْبِيرُ بِالذَّبْحِ مَعَ أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ بِلَفْظِ النَّحْرِ فَإِشَارَةٌ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ بِلَفْظِ الذَّبْحِ وَسَيَأْتِي بَعْدَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَنَحْرُ الْبَقَرِ جَائِزٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّ الذَّبْحَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً وَخَالَفَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ فَاسْتَحَبَّ نَحْرَهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِنَّ فَأَخَذَهُ مِنَ اسْتِفْهَامِ عَائِشَةَ عَنِ اللَّحْمِ لَمَّا دَخَلَ بِهِ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ ذَبَحَهُ بِعِلْمِهَا لَمْ تَحْتَجْ إِلَى الِاسْتِفْهَامِ لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ دَافِعًا لِلِاحْتِمَالِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِلْمُهَا بِذَلِكَ تَقَدَّمَ بِأَنْ يَكُونَ اسْتَأْذَنَهُنَّ فِي ذَلِكَ لَكِنْ لَمَّا أَدْخَلَ اللَّحْمَ عَلَيْهَا احْتَمَلَ عِنْدَهَا أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي وَقَعَ الِاسْتِئْذَانُ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ ذَلِكَ فَاسْتَفْهَمَتْ عَنْهُ لِذَلِكَ
[1709] قَوْلُهُ عَنْ عَمْرَةَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ الْمَذْكُورَةِ حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ قَوْلُهُ لَا نُرَى بِضَمِّ النُّونِ أَيْ لَا نَظُنُّ وقَوْلُهُ إِلَّا الْحَجَّ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَابِ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ وَقَوْلُهُ فَدُخِلَ عَلَيْنَا بِضَمِّ الدَّالِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ قَوْلُهُ بِلَحْم بقر قَالَ بن بَطَّالٍ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ جَمَاعَةٌ فَأَجَازُوا الِاشْتِرَاكَ فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَةِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ بَقَرَةٌ وَأَمَّا رِوَايَةُ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ عَنْ أَزْوَاجِهِ بَقَرَةً وَاحِدَةً فَقَدْ قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي تَفَرَّدَ يُونُسُ بِذَلِكَ وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ اه وَرِوَايَةُ يُونُسَ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا وَيُونُسُ ثِقَةٌ حَافِظٌ وَقَدْ تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَيْضًا وَلَفْظُهُ أَصْرَحُ مِنْ لَفْظِ يُونُسَ قَالَ مَا ذُبِحَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِلَّا بَقَرَةٌ وَرَوَى النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنِ اعْتَمَرَ مِنْ نِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً بَيْنَهُنَّ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ شَاهِدٌ قَوِيٌّ لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ ذَبَحَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حَجَجْنَا بَقَرَةً بَقَرَةً أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا فَهُوَ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَضَاحِي وَمُسلم أَيْضا من طَرِيق بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بِلَفْظِ ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا زَادَهُ عَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَكِنْ بِلَفْظِ أَهْدَى بَدَلَ ضَحَّى وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّصَرُّفَ مِنَ الرُّوَاةِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ النَّحْرِ فَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْأُضْحِيَةِ فَإِنَّ رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَمَّنِ اعْتَمَرَ مِنْ نِسَائِهِ فَقَوِيَتْ رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ أَهْدَى وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ هَدْيُ التَّمَتُّعِ فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ لَا ضَحَايَا عَلَى أَهْلِ مِنًى وَتَبَيَّنَ تَوْجِيهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ