مِنَ الْمَدِينَةِ ثُمَّ يَنْزِعُهَا فَيَطْوِيهَا حَتَّى يَكُونَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَيُلْبِسُهَا إِيَّاهَا حَتَّى يَنْحَرَهَا ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا قَالَ نَافِعٌ وَرُبَّمَا دَفَعَهَا إِلَى بَنِي شَيْبَةَ وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَلِيٍّ فِي التَّصَدُّقِ بِجِلَالِ الْبُدْنِ مُخْتَصَرًا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى بَعْدَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَنْبِيهٌ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنَ اسْتِحْبَابِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ إِظْهَارَ التَّقَرُّبِ بِالْهَدْيِ أَفْضَلُ مِنَ إِخْفَائِهِ وَالْمُقَرَّرُ أَنَّ إِخْفَاءَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ غَيْرِ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ إِظْهَارِهِ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ أَفْعَالَ الْحَج مَبْنِيَّة على الظُّهُور كالإحرام والطوف وَالْوُقُوفِ فَكَانَ الْإِشْعَارُ وَالتَّقْلِيدُ كَذَلِكَ فَيُخَصُّ الْحَجُّ مِنْ عُمُومِ الْإِخْفَاءِ وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ إِظْهَارُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ لِأَنَّ الَّذِي يُهْدِيهَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْعَثَهَا مَعَ مَنْ يُقَلِّدُهَا وَيُشْعِرُهَا وَلَا يَقُولُ إِنَّهَا لِفُلَانٍ فَتَحْصُلُ سُنَّةُ التَّقْلِيدِ مَعَ كِتْمَانِ الْعَمَلِ وَأَبْعَدَ مَنِ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ إِذَا شُرِعَ فِيهِ صَارَ فَرْضًا وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ التَّقْلِيدَ جُعِلَ عَلَمًا لِكَوْنِهَا هَدْيًا حَتَّى لَا يطْمع صَاحبهَا فِي الرُّجُوع فِيهَا
تَقَدَّمَ قَبْلَ ثَمَانِيَةِ أَبْوَابٍ مَنِ اشْتَرَى الْهَدْي من الطَّرِيق وَأورد فِيهِ حَدِيث بن عُمَرَ هَذَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَإِنَّمَا زَادَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ التَّقْلِيدَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ مَنْ قَلَّدَ الْقَلَائِدَ بِيَدِهِ وَحَدِيث بن عُمَرَ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ الْمُحْصَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَامَ حَجَّةِ الْحَرُورِيَّةِ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني حج الحرورية فِي عهد بن الزُّبَيْرِ مُغَايِرٌ لِقَوْلِهِ فِي بَابِ طَوَافِ الْقَارِنِ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ عَامَ نُزُولِ الْحَجَّاجِ بِابْنِ الزُّبَيْرِ لِأَنَّ حَجَّةَ الْحَرُورِيَّةِ كَانَتْ فِي السَّنَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يتسمى بن الزُّبَيْرِ بِالْخِلَافَةِ وَنُزُولُ الْحَجَّاجِ بِابْنِ الزُّبَيْرِ كَانَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَذَلِكَ فِي آخِرِ أَيَّام بن الزُّبَيْرِ فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ أَطْلَقَ عَلَى الْحَجَّاجِ وَأَتْبَاعِهِ حَرُورِيَّةً لِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَقِّ وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ الْقَائِلَ لِابْنِ عُمَرَ الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ هُوَ وَلَدُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنِ اشْتَرَى الْهَدْيَ مِنَ الطَّرِيقِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْإِحْصَارِ مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى