أُخْرَى كَالشَّافِعِيَّةِ وَأُخْرَى كَالْحَنَفِيَّةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ طَرَأَ الشَّكُّ أَوَّلًا اسْتَأْنَفَ وَإِنْ كَثُرَ بَنَى عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْيَقِينِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْجُمْهُورَ مَعَ الشَّافِعِيِّ وَأَنَّ التَّحَرِّي هُوَ الْقَصْدُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَأُولَئِكَ تحروا رشدا وَحَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا غِرَارَ فِي صَلَاةٍ قَالَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا إِلَّا عَلَى يَقِينٍ فَهَذَا يُقَوِّي قَوْلَ الشَّافِعِيِّ وَأُبْعِدُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَفْظَ التَّحَرِّي فِي الْخَبَرِ مدرج من كَلَام بن مَسْعُودٍ أَوْ مِمَّنْ دُونَهُ لِتَفَرُّدِ مَنْصُورٍ بِذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ دُونَ رُفْقَتِهِ لِأَنَّ الْإِدْرَاجَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى خَمْسًا سَاهِيًا وَلَمْ يَجْلِسْ فِي الرَّابِعَةِ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ وَقَوْلُهُمْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ بَلِ السِّيَاقُ يُرْشِدُ إِلَى خِلَافِهِ وَعَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى سَبِيلِ السَّهْوِ لَا تُبْطِلُهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا كَثُرَتْ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمُ الزِّيَادَةَ بِمَا يَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الصَّلَاةِ وَعَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِسَهْوِهِ إِلَّا بَعْدَ السَّلَامِ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَفُوتُ مَحَلَّهُ وَاحْتَجَّ لَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِتَعْقِيبِ إِعْلَامِهِمْ لِذَلِكَ بِالْفَاءِ وَتَعْقِيبِهِ السُّجُودَ أَيْضًا بِالْفَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَعَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْعَمْدَ فِيمَا يُصْلِحُ بِهِ الصَّلَاةَ لَا يُفْسِدُهَا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَأَنَّ مَنْ تَحَوَّلَ عَنِ الْقِبْلَةِ سَاهِيًا لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَفِيهِ إِقْبَالُ الْإِمَامِ عَلَى الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَاسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّ عُزُوبَ النِّيَّةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ مَبَاحِثِهِ فِي أَبْوَابِ الْقِبْلَةِ
(قَوْلُهُ بَابُ إِذَا سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ فِي ثَلَاثٍ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ مِثْلَ سُجُودِ الصَّلَاةِ أَوْ أَطْوَلَ)
فِي رِوَايَةٍ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فَسَجَدَ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ الْجَوَابُ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ مَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِي نَظَائِرِهِ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ إِلَّا التَّسْلِيمُ فِي ثِنْتَيْنِ نَعَمْ وَرَدَ التَّسْلِيمُ فِي ثَلَاثٍ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي كَوْنِهِمَا قِصَّتَيْنِ أَولا فِي الْكَلَامِ عَلَى تَسْمِيَةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ مِثْلَ سُجُودِ الصَّلَاةِ أَوْ أَطْوَلَ فَهُوَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ
[1227] قَوْلُهُ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَضَرَ الْقِصَّةَ وَحَمَلَهُ الطَّحَاوِيُّ عَلَى الْمَجَازِ فَقَالَ إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ صَلَّى بِالْمُسْلِمينَ وَسَبَبُ ذَلِكَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ إِنَّ صَاحِبَ الْقِصَّةِ اسْتُشْهِدَ بِبَدْرٍ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ وَقَعَتْ قَبْلَ بَدْرٍ وَهِيَ قَبْلَ إِسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ سِنِينَ لَكِن اتّفق أَئِمَّة الحَدِيث كَمَا نَقله بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ