دَفْعِ التَّشْوِيشِ عَنِ النَّفْسِ قَالَ وَكَانَ الْأَوْلَى فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ مُقَدَّمًا قَبْلَ قَوْله وَقَالَ بن عَبَّاسٍ انْتَهَى وَسَبَقَهُ إِلَى دَعْوَاهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ التَّرْجَمَةِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ فَقَالَ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَحُكَّ جَلْدًا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ صِلَةِ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ إِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الصَّلَاةِ وَصَرَّحَ بِكَوْنِهِ مِنْ كَلَامِ الْبُخَارِيِّ لَا مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ الْعَلَامَةِ عَلَاءِ الدِّينِ مُغَلْطَايْ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ مَنْ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْهُ مِمَّنْ أَدْرَكْنَاهُ وَهُوَ وَهَمٌ وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَقِيَّةُ أَثَرِ عَلِيٍّ كَذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَحَدُ مَشَايِخِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ غَزْوَانَ بْنِ جَرِيرٍ الضَّبِّيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ شَدِيدَ اللُّزُومِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبَّرَ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى رُصْغِهِ الْأَيْسَرِ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَرْكَعَ إِلَّا أَنْ يَحُكَّ جِلْدًا أَوْ يُصْلِحَ ثَوْبًا هَكَذَا روينَاهُ فِي السَّفِينَة الْجَرَائِدِيَّةِ مِنْ طَرِيقِ السِّلَفِيِّ بِسَنَدِهِ إِلَى مُسْلِمِ بن إِبْرَاهِيم وَكَذَلِكَ أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ إِلَّا أَنْ يُصْلِحَ ثَوْبَهُ أَوْ يَحُكَّ جَسَدَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلتَّرْجَمَةِ وَلَوْ كَانَ أَثَرُ عَلِيٍّ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ الْأَيْسَرِ لَمَا كَانَ فِيهِ تَعَلُّقٌ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَّا بِبُعْدٍ وَهَذَا مِنْ فَوَائِدِ تَخْرِيجِ التَّعْلِيقَاتِ وَالرُّصْغُ بِسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ هُوَ لُغَةٌ فِي الرُّسْغِ وَهُوَ مَفْصِلُ مَا بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ الرُّصْغُ مُجْتَمِعُ السَّاقَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ ثُمَّ إِنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْآثَارِ يُخَالِفُ التَّرْجَمَةَ لِأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِمَا إِذَا كَانَ الْعَمَلُ مِنْ أَمْرِ الصَّلَاةِ وَهِيَ مُطْلَقَةٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ إِطْلَاقَهَا مُقَيَّدٌ بِمَا ذُكِرَ لِيَخْرُجَ الْعَبَثُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ لِأَنَّ دَفْعَ مَا يُؤْذِي الْمُصَلِّي يُعِينُ عَلَى دَوَامِ خُشُوعِهِ الْمَطْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ وَيَدْخُلُ فِي الِاسْتِعَانَةِ التَّعَلُّقُ بِالْحَبْلِ عِنْدَ التَّعَبِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الْعَصَا وَنَحْوُهُمَا وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ السَّلَفِ وَقَدْ مَرَّ الْأَمْرُ بِحَلِّ الْحَبْلِ فِي أَبْوَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الِاخْتِصَارِ بَعْدَ أَبْوَابٍ
[1198] قَوْلُهُ وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا هُوَ شَاهِدُ التَّرْجَمَةِ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِأُذُنِهِ أَوَّلًا لِإِدَارَتِهِ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ ثُمَّ أَخَذَ بِهَا أَيْضًا لِتَأْنِيسِهِ لِكَوْنِ ذَلِكَ لَيْلًا كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي أَبْوَاب الصُّفُوف قَالَ بن بَطَّالٍ اسْتَنْبَطَ الْبُخَارِيُّ مِنْهُ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَسْتَعِينَ بِيَدِهِ فِي صَلَاتِهِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِغَيْرِهِ كَانَتِ اسْتِعَانَتُهُ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ لِيَتَقَوَّى بِذَلِكَ عَلَى صَلَاتِهِ وَيَنْشَطَ لَهَا إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ أَوْلَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ حَدِيثِ بن عَبَّاس فِي أَبْوَاب الْوتر