فَلِذَلِكَ جَعَلَهَا تِلْوَ تَرْجَمَةِ الصَّلَاةِ فِي الْكُسُوفِ

[1044] قَوْلُهُ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ فَلِهَذَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الْوُضُوءِ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي السِّيَاق حذفا سَيَأْتِي فِي رِوَايَة بن شِهَابٍ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ فَخَسَفَتْ فَرَجَعَ ضُحًى فَمَرَّ بَيْنَ الْحَجَرِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي وَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الْأَفْعَالُ جَازَ أَنْ يَكُونَ حُذِفَ أَيْضًا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَلَا يَكُونُ نَصًّا فِي أَنَّهُ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ قَوْله فَأطَال الْقيام فِي رِوَايَة بن شِهَابٍ فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً وَفِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ فَقَرَأَ بِسُورَةٍ طَوِيلَةٍ وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ فَقَرَأَ نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَنَحْوُهُ لِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُرْوَةَ وَزَادَ فِيهِ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ نَحْوًا مِنْ آلِ عِمْرَانَ قَوْلُهُ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ فِي رِوَايَة بن شِهَابٍ ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَزَادَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ فِي أَوَاخِرِ الْكُسُوفِ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِي الِاعْتِدَالِ فِي أَوَّلِ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ قِيَامَ قِرَاءَةٍ لَا قِيَامَ اعْتِدَالٍ بِدَلِيلِ اتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ مِمَّنْ قَالَ بِزِيَادَةِ الرُّكُوعِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيُّ خَالَفَ فِيهِ وَالْجَوَابُ أَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ جَاءَتْ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَلَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِيهَا بَلْ كُلُّ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلُهُ فِيهَا كَانَ مَشْرُوعًا لِأَنَّهَا أَصْلٌ بِرَأْسِهِ وَبِهَذَا الْمَعْنَى رَدَّ الْجُمْهُورُ عَلَى مَنْ قَاسَهَا عَلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ حَتَّى مَنَعَ مِنْ زِيَادَةِ الرُّكُوعِ فِيهَا وَقَدْ أَشَارَ الطَّحَاوِيُّ إِلَى أَنَّ قَوْلَ أَصْحَابِهِ جَرَى عَلَى الْقِيَاسِ فِي صَلَاةِ النَّوَافِلِ لَكِنِ اعْتُرِضَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ يَضْمَحِلُّ وَبِأَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ أَشْبَهُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُجْمَعُ فِيهِ مِنْ مُطْلَقِ النَّوَافِلِ فَامْتَازَتْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِتَرْكِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ بِزِيَادَةِ التَّكْبِيرَاتِ وَصَلَاةُ الْخَوْفِ بِزِيَادَةِ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ وَاسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ فَكَذَلِكَ اخْتُصَّتْ صَلَاةُ الْكُسُوفِ بِزِيَادَةِ الرُّكُوعِ فَالْأَخْذُ بِهِ جَامِعٌ بَيْنَ الْعَمَلِ بِالنَّصِّ وَالْقِيَاسِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ قَوْلُهُ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ بَيَانَ مَا قَالَ فِيهِ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا فِيهِ الذِّكْرُ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَكْبِيرٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ذِكْرُ تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ السُّجُودُ بَعْدَهُ وَلَا تَطْوِيلِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابِ طُولِ السُّجُودِ قَوْلُهُ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة مثل مَا فعل فِي الْأُولَى وَقَعَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ الْآتِيَةِ قَوْلُهُ ثُمَّ انْصَرَفَ أَيْ مِنَ الصَّلَاة وَقد تجلت الشَّمْس فِي رِوَايَة بن شِهَابٍ انْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ وَلِلنَّسَائِيِّ ثُمَّ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ فَخَطَبَ النَّاسَ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ لِلْكُسُوفِ وَالْعَجَبُ أَنَّ مَالِكًا رَوَى حَدِيثَ هِشَامٍ هَذَا وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِالْخُطْبَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَصْحَابُهُ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدَ بَابٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الِانْجِلَاءَ لَا يُسْقِطُ الْخُطْبَةَ بِخِلَافِ مَا لَوِ انْجَلَتْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الصَّلَاةَ وَالْخُطْبَةَ فَلَوِ انْجَلَتْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَتَمَّهَا عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهَا وَسَيَأْتِي ذِكْرُ دَلِيلِهِ وَعَنْ أَصْبَغَ يُتِمُّهَا عَلَى هَيْئَةِ النَّوَافِلِ الْمُعْتَادَةِ قَوْلُهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ زَادَ النَّسَائِيُّ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ وَشَهِدَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ قَوْلُهُ فَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَادْعُوا اللَّهَ قَوْلُهُ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ فِيهِ الْقَسَمُ لِتَأْكِيدِ الْخَبَرِ وَإِن كَانَ الثَّانِي غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِ قَوْلُهُ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ الْخَبَرُ وَعَلَى أَنَّ مِنْ زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ عَلَى لُغَةِ تَمِيمٍ أَوْ أَغْيَرَ مَخْفُوضٌ صِفَةٌ لِأَحَدٍ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفُ تَقْدِيرُهُ مَوْجُودٌ قَوْلُهُ أَغْيَرَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ الْغَيْرَةِ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ فِي اللُّغَة تغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015