أَشَارَ بِهَذَا إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ جَعَلَ وُجُوبَ الْإِنْصَاتِ مِنْ خُرُوجِ الْإِمَامِ لِأَنَّ
[934] قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ يُخْرِجُ مَا قَبْلَ خُطْبَتِهِ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ وَمَا بَعْدَهُ إِلَى أَنْ يَشْرَعَ فِي الْخُطْبَةِ نَعَمِ الْأَوْلَى أَنْ يُنْصِتَ كَمَا تَقَدَّمَ التَّرْغِيبُ فِيهِ فِي بَابِ فَضْلِ الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ وَأَمَّا حَالُ الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ فَحَكَى صَاحِبُ الْمُغْنِي عَنِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ قَوْلَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ خَاطِبٍ أَوْ أَنَّ زَمَنَ سُكُوتِهِ قَلِيلٌ فَأَشْبَهَ السُّكُوتَ لِلتَّنَفُّسِ قَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا هُوَ كَلَفْظِ حَدِيثِ الْبَابِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَلَفْظُهُ مَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا وَالْمُرَادُ بِالصَّاحِبِ مَنْ يُخَاطِبُهُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الصَّاحِبَ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ قَوْلُهُ وَقَالَ سَلْمَانُ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الدَّهْنِ لِلْجُمُعَةِ وَقَوْلُهُ يُنْصِتُ بِضَمِّ الْأُولَى عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ يُقَالُ أنصت ونصت وانتصت قَالَ بن خُزَيْمَةَ الْمُرَادُ بِالْإِنْصَاتِ السُّكُوتُ عَنْ مُكَالَمَةِ النَّاسِ دُونَ ذِكْرِ اللَّهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ حَالَ الْخُطْبَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ السُّكُوتُ مُطْلَقًا وَمَنْ فَرَّقَ احْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَجْوِيزِ التَّحِيَّةِ لِدَلِيلِهَا الْخَاص جَوَاز الذّكر مُطلقًا قَوْله أَخْبرنِي بن شِهَابٍ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ عَن عقيل عَن بن شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالطَّرِيقَانِ مَعًا صَحِيحَانِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ بالإسنادين مَعًا أخرجه الطَّحَاوِيّ وَكَذَا رَوَاهُ بن جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ وَرَوَاهُ مَالِكٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وبن أبي ذِئْب عِنْد بن مَاجَهْ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَفِيهِ بَحْثٌ قَوْلُهُ فَقَدْ لَغَوْتَ قَالَ الْأَخْفَشُ اللَّغْوُ الْكَلَامُ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ من الْبَاطِل وَشبهه وَقَالَ بن عَرَفَةَ اللَّغْوُ السَّقْطُ مِنَ الْقَوْلِ وَقِيلَ الْمَيْلُ عَنِ الصَّوَابِ وَقِيلَ اللَّغْوُ الْإِثْمُ كَقولِهِ تَعَالَى وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراما وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ اتَّفَقَتْ أَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ اللَّغْوَ مَا لَا يَحْسُنُ مِنَ الْكَلَامِ وَأَغْرَبَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبِ فَقَالَ مَعْنَى لَغَا تَكَلَّمَ كَذَا أَطْلَقَ وَالصَّوَابُ التَّقْيِيدُ وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ مَعْنَى لَغَوْتُ خِبْتُ مِنَ الْأَجْرِ وَقِيلَ بَطَلَتْ فَضِيلَةُ جُمُعَتِكَ وَقِيلَ صَارَتْ جُمُعَتُكَ ظُهْرًا قُلْتُ أَقْوَالُ أَهْلِ اللُّغَةِ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى وَيَشْهَدُ لِلْقَوْلِ الْأَخِيرِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وبن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَمَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظهرا قَالَ بن وَهْبٍ أَحَدُ رُوَاتِهِ مَعْنَاهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَحُرِمَ فَضِيلَةَ الْجُمُعَةِ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا مَنْ قَالَ صَهٍ فَقَدْ تَكَلَّمَ وَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا جُمُعَةَ لَهُ وَلِأَبِي دَاوُدَ نَحْوُهُ وَلأَحْمَد وَالْبَزَّار من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَالْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا وَالَّذِي يَقُولُ لَهُ أَنْصِتْ لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَةٌ وَلَهُ شَاهِدٌ قَوِيٌّ فِي جَامِعِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ بن عُمَرَ مَوْقُوفًا قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ لَا جُمُعَةَ لَهُ كَامِلَةً لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إِسْقَاطِ فَرْضِ الْوَقْتِ عَنهُ وَحكى بن التِّينِ عَنْ بَعْضِ مَنْ جَوَّزَ الْكَلَامَ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّهُ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ فَقَدْ