فِي الْخُطْبَةِ مَعَ الْأَمْرِ بِالْإِنْصَاتِ لَهَا فَغَيْرُهَا أَوْلَى وَفِيهِ أَنَّ التَّحِيَّةَ لَا تَفُوتُ بِالْقُعُودِ لَكِنْ قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْجَاهِلِ أَوِ النَّاسِي كَمَا تَقَدَّمَ وَأَنَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَأْمُرَ فِي خُطْبَتِهِ وَيَنْهَى وَيُبَيِّنَ الْأَحْكَامَ الْمُحْتَاجَ إِلَيْهَا وَلَا يَقْطَعُ ذَلِكَ التَّوَالِي الْمُشْتَرَطَ فِيهَا بَلْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كُلَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنَ الْخُطْبَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ شَرْطٌ لِلْجُمُعَةِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَا تُشْرَعُ التَّحِيَّةُ لِغَيْرِ الْمَسْجِدِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ رَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ لِأَنَّ أَمْرَهُمَا أَخَفُّ وَزَمَنَهُمَا أَقْصَرُ وَلَا سِيَّمَا رَدُّ السَّلَامِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ فَائِدَةٌ قِيلَ يُخَصُّ عُمُومُ حَدِيثِ الْبَابِ بِالدَّاخِلِ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَ الْآتِيَ بِالرَّكْعَتَيْنِ وَيَزِيدَ فِي كَلَامِهِ مَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهِمَا قَبْلَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَرِهْتُ ذَلِكَ وَحَكَى النَّوَوِيُّ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمُخْتَارَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَنْ يَقِفَ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ لِئَلَّا يَكُونَ جَالِسًا بِغَيْرِ تَحِيَّة أَو متنقلا حَالَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَاسْتَثْنَى الْمَحَامِلِيُّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لِأَنَّ تَحِيَّتَهُ الطَّوَافُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِطُولِ زَمَنِ الطَّوَافِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الطَّوَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْقَادِمِ لِيَكُونَ أَوَّلُ شَيْءٍ يَفْعَلُهُ الطَّوَافَ وَأَمَّا الْمُقِيمُ فَحُكْمُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَعَلَّ قَوْلَ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يَبْدَأُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالطَّوَافِ لِكَوْنِ الطَّوَافِ يَعْقُبهُ صَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ فَيَحْصُلُ شَغْلُ الْبُقْعَةِ بِالصَّلَاةِ غَالِبًا وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَيَخْتَصُّ الْمَسْجِدُ الْحَرَام بِزِيَادَة الطّواف وَالله أعلم
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِمَا خَفِيفَتَيْنِ قُلْتُ هُوَ كَمَا قَالَ إِلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى مَا فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو قُرَّةَ فِي السُّنَنِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا مُلَخَّصُهُ فِي التَّرْجَمَةِ الْأُولَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالرَّكْعَتَيْنِ يَتَقَيَّدُ بِرُؤْيَةِ الْإِمَامِ الدَّاخِلِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَفْسِرَهُ هَلْ صَلَّى أَمْ لَا وَذَلِكَ كُلُّهُ خَاصٌّ بِالْخَطِيبِ وَأَمَّا حُكْمُ الدَّاخِلِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِالتَّرْجَمَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْأُولَى مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِيهِمَا وَاحِد
[931] قَوْله عَن عَمْرو هُوَ بن دِينَارٍ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ سُفْيَانَ مِنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ قَوْلُهُ صَلَّيْتَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ أَيْضًا بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَثَبَتَتْ لِكَرِيمَةَ وَلِلْمُسْتَمْلِي قَوْلُهُ قَالَ فَصَلِّ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَر قَالَ قُم فصل