بن حَزْمٍ عَدَمُهُ وَمِنْ أَدِلَّةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي رَآهُ يَتَخَطَّى اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِصَلَاةٍ كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا الْأَوْقَاتُ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا لَيْسَ هَذَا الْأَمْرُ بِدَاخِلٍ فِيهَا قُلْتُ هُمَا عُمُومَانِ تَعَارَضَا الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ لِكُلِّ دَاخِلٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَالنَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَخْصِيصِ أَحَدِ الْعُمُومَيْنِ فَذَهَبَ جَمْعٌ إِلَى تَخْصِيصِ النَّهْيِ وَتَعْمِيمِ الْأَمْرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَذَهَبَ جَمْعٌ إِلَى عَكْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ إِذَا خَالَفَ وَجَلَسَ لَا يُشْرَعُ لَهُ التَّدَارُكُ وَفِيهِ نظر لما رَوَاهُ بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ قَالَ لَا قَالَ قُم فَارْكَعْهُمَا ترْجم عَلَيْهِ بن حِبَّانَ أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَا تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ قُلْتُ وَمِثْلُهُ قِصَّةُ سُلَيْكٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ وَقْتُهُمَا قَبْلَ الْجُلُوسِ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَبَعْدَهُ وَقْتُ جَوَازٍ أَوْ يُقَالُ وَقْتُهُمَا قَبْلَهُ أَدَاءٌ وَبَعْدَهُ قَضَاءٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُحْمَلَ مَشْرُوعِيَّتُهُمَا بَعْدَ الْجُلُوسِ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ فَائِدَةٌ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ هَذَا وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ وَهُوَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَجَلَسَ مَعَهُمْ فَقَالَ لَهُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرْكَعَ قَالَ رَأَيْتُكَ جَالِسًا وَالنَّاسُ جُلُوسٌ قَالَ فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يرْكَع رَكْعَتَيْنِ أخرجه مُسلم وَعند بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَعْطُوا الْمَسَاجِدَ حَقَّهَا قِيلَ لَهُ وَمَا حَقّهَا قَالَ رَكْعَتَيْنِ قبل أَن تجْلِس
قَالَ الْمَازِرِيُّ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ مَنَعَ الْمُحْدِثَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ أَوْ يَجْلِسَ فِيهِ وَجَعَلَهُ كَالْجُنُبِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ هُنَا الرِّيحُ وَنَحْوُهُ وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ وَقَدْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ هُنَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مَا لَمْ يُحْدِثْ سُوءًا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ وَفِي أُخْرَى لِلْبُخَارِيِّ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ بِحَدَثٍ فِيهِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّانِيَة تَفْسِير للاولى
[445] قَوْله الْمَلَائِكَة تصلي وللكشميهني إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي بِزِيَادَةِ إِنَّ وَالْمُرَادُ بِالْمَلَائِكَةِ الْحَفَظَةُ أَوِ السَّيَّارَةُ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَقُولُ إِلَخْ هُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ تُصَلِّي قَوْلُهُ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إِذَا انْصَرَفَ عَنْهُ انْقَضَى ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ بَيَانُ فَضِيلَةِ مَنِ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ ثَبَتَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسْجِدِ أَمْ تَحَوَّلَ إِلَى غَيْرِهِ وَلَفْظُهُ وَلَا يَزَالُ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ فَأَثْبَتَ لِلْمُنْتَظِرِ حُكْمَ الْمُصَلِّي فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ فِي مُصَلَّاهُ عَلَى الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لِلصَّلَاةِ لَا الْمَوْضِعِ الْخَاصِّ بِالسُّجُودِ فَلَا يَكُونُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَخَالُفٌ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يُبْطِلُ ذَلِكَ وَلَوِ اسْتَمَرَّ جَالِسًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ فِي الْمَسْجِدِ أَشَدُّ مِنَ النخامه