وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا - وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا) (?) . فمن تأَمل هذه الآيات عرف كذب اليهود بدعواهم قتله وصلبه ولكنهم هموا بقتله وعزموا عليه وحاصروه ومن معه في البيت فانقذه الله من كيدهم ورفعه إليه وأَلقى شبهه على واحد من أَصحابه، وتأَمل قوله تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم) تجد ذلك صريحًا. وقد صرح المفسرون المحدثون والمؤرخون بمعنى ما ذكرنا:
قال ابن كثير: قال الحسن البصري ومحمد بن اسحق: كان يوجد في زمن عيسى ملك اسمه داود بن نورا، فلما سمع بخبر عيسى أَمر بقتله وصلبه، فحصروه في دار بيت المقدم، وذلك عشية الجمعة ليلة السبت، فلما حان وقت دخولهم أَلقي شبهه على بعض أَصحابه الحاضرين عنده ورفع عيسى من روزنة في ذلك البيت إلى السماء وأَهل البيت ينظرون، ودخل الشرطة فوجدوا ذلك الشاب الذي أُلقي عليه شبهه فأَخذوه ظانين أَنه عيسى، فصلبوه ووضعوا الشوك على رأْسه إهانة له، وسلم لليهود عامة النصارى الذين لم يشاهدوا ما كان من أَمر عيسى أَنه صلب، وضلوا بسبب ذلك ضلالاً مبينًا،