الغلو في شخص الرسول عليه الصلاة والسلام تقليدًا للنصارى، ومصداقًا لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لتتَّبُعُنَّ سنن من كان قبلكم حذو الْقذَّةِ بالقذةِ حتى لو دخلوا جُحر ضب لدخلتمُوه، قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن؟)) (?) فلقد غلا النصارى في شخص عيسى عليه السلام وأَنكروا بشريته وقالوا عنه - زورًا وبهتانًا وإثمًا مبينًا - بأنه ابن الله، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.
لقد كان صلى الله عليه وسلم شديد الحذر على أُمته أَن تسلك المسلك الذي سلكه النصارى في رسولهم عيسى عليه السلام فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تطروني كما أَطرت النصارى ابن مريم إنما أَنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله)) . وقال أيضًا: ((إيَّاكم والْغلوَّ فإنما أَهلك من كان قبلكم الْغلوّ)) (?) .
(6- المسيح عليه السلام لم يقتل ولم يصلب)
المسألة الثالثة (?) - وهي قولهم هل مات عيسى على الصليب؟
الجواب: المسيح عليه السلام قد صانه الله وحماه، فلم يقتل ولم يصلب، وإنما قتل وصلب المشبه به. وذلك أنه عليه السلام لما قصد منه أَعداؤه من اليهود مقصد السوء وقاه الله كيدهم ورفعه عنهم إلى السماء، وأَلقى شبهه على رجل من الحواريين فأَمسكوه وقتلوه وصلبوه بناء منهم على أَنه المسيح عليه السلام، قال الله تعالى في حق اليهود: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً - وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا -