وقال الله تعالى: (إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) الآيات (?) ففي هذه الآيات إن الله وعده بأَنه سيتوفاه ويرفعه إليه ويطهره من الذين كفروا وقد صدق الله وعده وهو لا يخلف الميعاد.
وهذه الوفاة هي النوم كما قال غير واحد من العلماء بأَنه نزل عليه النوم حينما رفع. والنوم يعبر عنه بالوفاة قال تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) (?) .
ومما يدل على أَنه رفع إلى السماء وأَنه ينزل في آخر الزمان إلى الأَرض فيقتل الدجال ما قاله ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) - أَي بعد نزوله إلى الأَرض في آخر الزمان قبل قيام الساعة، فإنه ينزل ويقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، وتصير الملل في ذلك الوقت ملة واحدة وهي ملة الإسلام الحنيفية دين إبراهيم، فلا يبقى أَحد من أَهل الكتاب إلا آمن به، وقيل بل اليهود خاصة. وقال الحسن على هذه الآية: (وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) قال قبل موت عيسى، والله إنه لحي الآن عند الله.
وأَصرح ما قيل في تفسير هذه الآيات ما قاله ابن جرير رحمه الله:
انه لا يبقى أَحد من أَهل الكتاب بعد نزول عيسى عليه السلام إلا من آمن به قبل موته عليه السلام فيكون الضمير عائدًا إلى عيسى.