الله عليه قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك ديناً فعليّ قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته". رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
"الثانية": إذا جنى إنسان على آخر فقتله وكانت الجناية خطأ أو شبه عمد ولم يكن له عاقلة موسرة فالمشهور من المذهب وهو الذي مشى عليه المتأخرون من الأصحاب كصاحب الإقناع والمنتهى وغيرهما أن الدية تكون في بيت المال، فإن كان له عاقلة موسرة فعليها الدية إن صدقته.
"الثالثة": إذا حكم القاضي بالقسامة في قضية القتل فنكل الورثة عن حلف أيمان القسامة ولم يرضوا بيمين المدعى عليه فداه الإمام من بيت مال المسلمين لأنه صلى الله عليه وسلم الأنصاري لما لم ترض الأنصار بيمين اليهود، ولأنه لم يبق سبيل الثبوت ولم يوجد ما يجب السقوط فوجب الغرم من بيت المال لئلا يضيع دم المعصوم هدراً.
"الرابعة": كل مقتول جهل قاتله كمن مات في زحمة جمعة أو طواف أو نحو ذلك فديته في بيت المال، نص عليه الإمام أحمد، واحتج بما روى عن عمر وعلي، ومنه ما روى سعيد في سننه عن إبراهيم قال: قتل رجل في زحام الناس بعرفة فجاء أهله إلى عمر، فقال: بينتكم على من قتله: فقال علي يا أمير المؤمنين لا يطل دم امرء مسلم إن علمت قاتله وإلا فأعط ديته من بيت المال.
"الخامسة": إذا أخطأ الإمام أو الحاكم أو غيرهما من ولاة الأمور بشيء من الأحكام أو الأعمال التي هي من اختصاص وظائفهم فترتب على ذلك إتلاف نفس فما دونها فالمذهب أن ذلك يكون في بيت المال، كما في "المغني" و"المقنع" و"كشاف القناع" وغيرهما من كتب الأصحاب، وعللوا ذلك بان خطأ هؤلاء يكثر فيجحف بعاقلتهم، ولانهم نواب المسلمين فكانت اروش جناياتهم خطأ في بيت مال المسلمين.
أما الدية التي يحكم بها على الجاني لكون القتل عمداً فتجب عليه في ماله حالة، وتكون من ضمن الديون التي في ذمته، إن كان موسراً لزمه الوفاء، وإن كان معسراً فنظرة إلى ميسرة، وإن أيسر ببعض قسطت عليه حسب حاله، ويسوغ أن يدفع له في حالة إعساره من الزكاة ما يوفى به هذه الدية، لأنه من الغارمين، الذي هم أحد أصناف أهل الزكاة الثمانية، فإن مات مديناً فعلى ولي الأمر قضاء دينه من بيت مال المسلمين كما تقدم في المسألة الأولى، لحديث