(سادساً) لا دليل في قوله صلى الله عليه وسلم يوم النحر لمن سأله عن تقديم الحلق على الرمي ونحو ذلك بقوله: " إ فعل ولا حرج" على جواز رمي الجمرات أيام التشريق قبل الزوال أصلاً وذلك أن التقديم والتأخير الذي نفى النبي صلى الله عليه وسلم الحرج عن فاعله مختص بأعمال يوم النحر التي هي: الرمي والنحر، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة، كما هو معلوم لكل أحد يفهم عن الله ورسوله من قوله في الحديث "يومئذٍ" ولو لم ترد هذه الكلمة لما كان في قول النبي صلى الله عليه وسلم " إفعل ولا حرج" دليل على أن جنس التقديم والتأخير في أيام منى وغيرها بالنسبة إلى الحج غير جائز، بل يكون ذلك مختصاً بتلك المسألة التي سئل عنها، وذلك أن كلمة: " إفعل ولا حرج " لا عموم فيها والعموم إنما هو في قول الراوي: " فما سئل يومئذٍ عن شيء قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج " ولهذا احتاج إلى التقييد المفيد اختصاصه بأعمال ذلك اليوم بقوله: " يومئذ" التي منعت أن يلحق بهذا اليوم سواه. فتبين ها هنا بطلان قياسه على رمي جمرة العقبة يوم النحر وإفلاسه من دلالة حديث " فما سئل يومئذ عن شيء" إلى آخره على مراده، فبقى سفر اليدين من المستند، ورجع بخفي حنين فيما قصد.

وكان من أدلة هذا الرجل على جواز رمي الجمرات أيام التشريق قبل الزوال عدم نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، كما يفهمه قوله ها هنا: فما سكت عنه فهو عفو. بل صرح به فيما سلف من رسالته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015