(رابعاً) أن القول بجواز تقديم رمي أيام التشريق على وقته مصادم للنص، والنص هو كما تقدم رمي النبي صلى الله عليه وسلم بعد الزوال في ثلاثة الأيام جميعها تشريعاً منه للأمة: من حيث المكان، ومن حيث العدد، ومن حيث الزمان. ففعله ذلك صلى الله عليه وسلم على وجه الامتثال والتفسير يكون للوجوب من حيث المكان والزمان والعدد لا فرق بينهن في ذلك.

(خامساً) يقال: لو أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى في يوم من أيام التشريق الثلاثة قبل الزوال ورمى في اليومين الآخرين بعد الزوال لساغ الاستدلال به على جوازه في اليومين الآخرين، ولا أظن أحداً من الأمة سبقه إلى هذا الاستدلال، فهو استدلال ساقط، ولا نكون ممتثلين لقول النبي صلى الله عليه وسلم " خذوا عني مناسككم " إلا بأن نغاير بين يوم النحر وأيام التشريق في وقت الرمي وهذه العبادة ـ أعني رمي جمرة العقبة يوم النحر ـ وإن كانت بصورتها مثل رمي أيام التشريق فقد فارقت غيرها في عدة أحكام: منها أنها إذا فعلت مع التقصير أو فعلت مع طواف الإفاضة حصل التحلل الأول، وإذا فعلت مع الإثنين الآخرين حصل الحل كله، ولم يثبت شيء من ذلك للجمرات أيام التشريق، فامتنع قياس رمي أيام التشريق عليها.

هذا لو لم يخصصها رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الوقت، فكيف وقد خصصها به.

فعسى هذا الرجل أن ينتبه من غفلته، ويستيقط من رقدته، ويتوب إلى الله من التهجم على أحكام شرعه ودينه بما ليس من العلم في شيء. والحمد لله على وضوح النهار وجلاء الغبار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015