يقال: من عناية الله تبارك وتعالى لدينه وشرعه أن يجري على لسان من خالف الحق ما هو من أقوى الحجج عليه. فهذا الرجل اعترف ها هنا بأن العلماء الأعلام وجهابذة الإسلام على الدوام يحجون ولم يعهد عن أحد منهم أنه جوز الرمي قبل الزوال، ولا فعله بنفسه. فلقد صدق، وبالحق ها هنا نطق. وهذا مما يأتي على جميع ما مر من مفترياته بالهد والنقض، وإمامهم في عدم تجويز الرمي قبل الزوال هو سيد الأنام، صلى الله عليه وسلم، فلعمري ما فعله ولا جوزه، وهم كذلك ما فعلوه ولا جوزوا، فليقم هذا الرجل البرهان على التجويز، وليرم هؤلاء الأئمة الأعلام بما لديه من السهام، وإذا فعل حصل الوئام، وانتفى عنه الملام، ولكن كلا وهيهات أن تشتمل كنانته من السهام، ما يصلح لهد حصن الأئمة الأعلام، وجهابذة الإسلام، الذين يحجون على الدوام، ولم يجوزوا لأحد حج معهم من الأنام، أن يرمي قبل الزوال، ولم يخالفوا شرع إمام كل إمام، فضلاً عن أن تصلح لأن يقذف بها هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته الثابتة من فعله التشريعي الخارج مخرج الامتثال والتفسير المقتضى للوجوب، ومن قوله صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني مناسككم ".
وقد تصور هذا الرجل أن طاووساً وعطاءً والرافعي والأسنوي يصلون أن يتعارض أقوالهم نصوص الكتاب والسنة والإجماع وغيرهم.
بقي لدى هذا الرجل سهم واحد رمى به أئمة الإسلام والعلماء الأعلام الذين يحجون على الدوام، ولم يقدموا الرمي قبل الزوال ولم يجيء عنهم تجويزه بحال , وظن أنه لا يبقى لهم باقية، وأن