في الرمي مع استنادها إلى الدليل لم تصادم الدليل. فأين هذه من هذه لو كان هذا الرجل يدر السبيل، ويعول على الدليل، ويجانب الفلسفة والتخييل.
ويخشى على هذا الرجل أن تتناوله هذه الآية الكريمة: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً} (?) فيحرم الرجوع والمتاب، ويصمم على ما أملاه عليه فكره في ذلك الكتاب، بل يخشى عليه أعظم من ذلك وهو ضلال الجهال في تلك المسائل التي أساء فيها المقال، كما يخشى عليه ما هو أعظم من ذلكوأطم من فتح باب إلغاء النصوص، ومساعدة شطار اللصوص، المعدين لنقض أحكام الشريعة بالخصوص.
وما ذكره: من أن الأمر إذا ضاق اتسع. هو حق، ولكنه به ما انتفع، لحصر سعته بما صور وابتدع، والغى رخص من تقيد بالرخص الشرعية واتبع.
قوله: يبقى أن يقال: إن الناس لا يزالون يحجون على الدوام وفيهم العلماء الأعلام، وجهابذة الإسلام، ولم يعهد عن أحد منهم أنه جوز الرمي قبل الزوال ولا فعله بنفسه. وأجاب عن هذا السؤال الذي أورده قائلاً: إن هذه المقالة شنشنة أهل الجمود المتعصبين على مذهب الآباء والجدود، فهم دائماً يدفعون الدليل بمثل هذا التعليل، وقالوا: {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} (?) .