"يأتيني شعور بأني مرائي"

المجيب د. سالم بن محمد القرني

(عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد) .

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الإخلاص والرياء

التاريخ 5/02/1426هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

أنا مؤذن في أحد المساجد، وفي بعض الأوقات أصلي بالناس، ولكن يأتيني شعور وأنا إمام بأني أصلي لأحسن صوتي ويعجب به المصلون، ويداخلني شعور بأن فعلي مراءاة للناس، فما نصيحتكم لي؟ علماً أن هذا الشك يستمر معي حتى في الأذان. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فتحسين الصوت بالقرآن مستحب؛ لما روى البخاري (5045) عن قتادة قال: سألت أنساً - رضي الله عنه- عن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال: كان يمد مداً إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، يمد بسم الله، ويمدّ بالرحمن، ويمدّ بالرحيم، وروى الترمذي (2927) عن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقطع قراءته يقول: "الحمد لله رب العالمين، ثم يقف، الرحمن الرحيم، ثم يقف، وكان يقرؤها ملك يوم الدين"، قال حديث غريب، وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن من أحسن الناس صوتاً من إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله" أخرجه ابن ماجة (1339) من حديث جابر -رضي الله عنه-.

وأجازت طائفة رفع الصوت بالقرآن والتطريب به؛ وذلك لأنه إذا حسن الصوت به كان أوقع في النفوس، وأسمع في القلوب، واحتجوا بقوله عليه السلام: "زينوا القرآن بأصواتكم" من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه-، أخرجه أبو داود (1468) ، والنسائي (1015، 1016) ، وبقوله عليه الصلاة والسلام: "ليس منَّا من لم يتغن بالقرآن" أخرجه البخاري (7527) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وبقول أبي موسى - رضي الله عنه- للنبي - صلى الله عليه وسلم-: (لو أعلم أنك تستمع لقراءتي لحبرته لك تحبيراً) أخرجه ابن حبان (16/170) ، والحاكم (3/529) (5966) ، وغيرهما من حديث أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-، وبما رواه عبد الله بن مغفّل - رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح في مسير له سورة الفتح على راحلته، فرجَّع في قراءته. انظر تفسير القرطبي (1/11) ، وابن كثير (4/435) وغيرهما.

إلا أن يخرج القراءة التي هي التلاوة عن حدها، فيكره، أو إذا كان القصد التغني فحسب، لما روي عن زياد النميري أنه جاء مع القراء إلى أنس بن مالك - رضي الله عنه- فقيل له: اقرأ، فرفع صوته وطرب، وكان رفيع الصوت، فكشف أنس- رضي الله عنه- عن وجهه، وكان على وجهه خرقة سوداء، فقال: يا هذا: ما هكذا كانوا يفعلون، وروي عن قيس بن عباد أنه قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكرهون رفع الصوت ثم الذكر) انظر تفسير القرطبي (1/10) ، ويدخل في ذلك مراءاة الناس.

وقد قيل إن الأمر بالتزيين اكتساب القراءات وتزينها بأصواتنا وتقدير ذلك، أي زينوا القراءة بأصواتكم فيكون القرآن بمعنى القراءة، كما قال تعالى: "وقرآن الفجر" أي قراءة الفجر، وقوله: "فإذا قرأناه فاتبع قرآنه" أي قراءته.

فعليك أن تخلص نيتك، وأن تدافع نفسك وتدفع المراءاة، وهذا التخوّف ما دمت تجده في نفسك، فهذا صريح الإيمان والحمد لله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015