المجيب محمد العبد الكريم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/وسائل الثبات
التاريخ 28/3/1425هـ
السؤال
سماحة الشيخ: هل يمكن أن تفتوني في كيفية التعامل أو الابتعاد من الذنوب بعد الحج؟ وما هي النتائج المترتبة على ذلك؟ إذ أنني سمعت أن الإنسان لا يجب أن يقوم بأي معصية بعد الحج، وإذا عصى فإن العاقبة تكون مدمية حتى ولو كان الذنب بسيطا، فلو تفتوني بعلاقة الحج بالذنوب، غفر الله لكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الكريمة: سؤالك قد تضمن عدداً من الاستفسارات: وهي تُعرب عن نفس لوّامة وقلب توّاق للطهر والنقاء.
فما يتعلق بالتعامل مع المعاصي والابتعاد عنها فإني أنصحك وأنصح نفسي أولاً وقبل كل شيء بأن ننظر في آثارها المترتبة عليها. يقول الله تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى:30] . ويقول المصطفى عليه -الصلاة والسلام-: "إن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه" رواه أحمد (21881) ، وابن ماجة (90) من حديث ثوبان -رضي الله عنه-. والله -عز وجل- يقول: "فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا" [العنكبوت:40] ، وكل هذا بسبب الذنوب والمعاصي، وكانت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تردد قوله تعالى: "وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ" [الشورى:30] .
ويقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله: "إذا همّت نفسك بالمعصية فذكرها بالله، فإذا لم ترجع فذكرها بأخلاق الرجال، فإذا لم ترتدع فذكرها بالفضيحة إذا علم بها الناس، فإذا لم ترجع؛ فاعلم أنك في تلك الساعة انقلبت إلى حيوان".
وفي هذا المعنى يقول نابغة بن شيبان:
إن من يركب الفواحش سرا حين يخلو بسره غير خالي كيف يخلو وعنده كاتباه شاهداه وربه ذو الجلال، والمعاصي تذهب الخيرات وتزيل النعم.
وقد قال العباس - رضي الله عنه- في دعائه للاستسقاء: (ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة) انظر فتح الباري (2/497) وصححه الألباني في التوسل، وانظري ـ رحمني الله وإياك ـ إلى ما حصل للمسلمين في يوم أحد عندما خالف الرماة وعصوا أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ماذا كانت الجناية عليهم، وفي ذلك يقول الله تعالى: "أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنىّ هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير" [آل عمران: 165] .
وقد كتب العلامة ابن القيم في الجواب الكافي لمن سئل عن الدواء الشافي جملة من الآثار ومما ذكره رحمه الله: أن المعاصي سبب للوحشة بين العبد وربه وهي سبب لذهاب البركة
وسوء الخاتمة، ونفرة الخلق، وقلة الرزق.