المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية
التاريخ 27/11/1424هـ
السؤال
أنا مسلمة جديدة، أدرس الآن وأعمل نصف دوام في مستشفى، وأنا محتاجة للعمل؛ لأساعد زوجي في أمورنا المعيشية، مشكلتي في الحجاب، أود أن ألبسه لكنني لا استطيع، لو علم والداي بإسلامي فسيستهزئون بي، ويكون مصير زوجي الخروج من المدينة، فهو بالطبع الذي سيُلام على "إفسادي"،نحن نعيش في مدينة أهلها من الكاثوليك المتشددين، وكل الناس هنا معروفون، وزوجي رجل بسيط ومسالم، أشعر بأنني منافقة لخروجي إلى المسجد بالعباءة، وخروجي بالملابس العادية إلى الكلية أو السوق، اليوم على سبيل المثال رأيت امرأة متحجبة بالكامل مع النقاب وزوجها معها ووقعت نظرات زوجها المسمومة علي (بسبب ملابسي) مباشرة في قلبي، لا أستطيع لبس الحجاب لكنني متألمة من وضعي أكثر فأكثر. أرجو توجيه نصيحة لي ولزوجي.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
إن كانت المضايقة لا تعدو كلمات الهمز واللمز والسخرية فلا أجد لك رخصةً في التبرج ونبذ الحجاب؛ ومجرد الاستهزاء والسخرية والهمز واللمز لا يبيح للمسلم أن يترك شعيرة من شعائر دينه، ولا أن يرتكب محظوراً من المحظورات، فما من بلد من البلدان في مشارق الأرض ومغاربها ـ الإسلامية وغير الإسلامية ـ إلا وفيها من يستهزئ ببعض الشرائع والشعائر، وما من نبي إلا وقد استُهزئ به ولُمز وسُخر منه، وهذه هي طبيعة الدين، وهي ابتلاء من الله وتمحيص، "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" [العنكبوت:2 -3] .
ولو لم يكن في التزام صراط الله المستقيم فتنةٌ لما تميّز المؤمن من المنافق، ولسهل على كل دَعيٍّ أن يدعي الإيمان والإسلام، ولكن اقتضت حكمة الله -سبحانه- أن يُبتلى الناس في دينهم، ليُعلم الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق.
والمقصود: أن ما تذكرينه من مخاوف تخافينها إن ارتديتِ الحجاب الشرعي ليس عذراً يبيح لك التبرج ونبذ الحجاب، فارتديه، ولْتكوني عزيزةً بدينك، وارفعي به رأساً، واشمخي به أنفاً، ولا تلتفتي لاعتذارات المهزومين ودعاوى المتشككين، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: "من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس, ومن التمس رضا الناس بسخط الله وَكَلَه الله إلى الناس" أخرجه الترمذي (2414) بسند حسن.
لكن إذا ترتّب على خروجك بالحجاب اعتداءٌ عليك بضربٍ، أو تهديد بقتلٍ أو طردٍ من بلدك إلى بلد آخر لا تجدين فيه عملاً، فأرجو أن تكوني معذورةً حينئذ لو خرجتِ بلا حجاب، لكن يجب أن تقصري خروجك على ما تدعو إليه الحاجة، كالعمل ونحوه، واجتهدي وسعك بألا يبدو من بدنك إلا ما تقتضي الحاجة إبداءه ويدفع عنك الأذى والمضايقة؛ ككشف الوجه فقط، أو الوجه والشعر، وليس ثمَّ حاجة إلى كشف العضد أو الساق أو الذراع أو العنق أو النحر، فإن الحاجة تقدّر بقدرها.
أسأل الله أن يملأ قلبك بالإيمان، وأن يثبتكِ على طاعته ودينه، وأن يوفقك لمرضاته، وأن يحفظك بحفظه، وأن يرزقك الذرية الصالحة، وأن يُقرَّ عينك بصلاح زوجك وولدك، وأن يهدي أبويك لدينه القويم.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.