إن التوفيق في مجاهدة نفسك عن مشاهدة الأفلام لا تتبين من أولى المحاولات، فإن الرجل يكون قد فتل على نفسه حبلاً من الفولاذ من خلال التكرار والمداومة، وعليه أن يحاول قطعه بتكرار الإقلاع والمجاهدة على عفة النظر؛ والله قادر على أن يسلب منك التعلق بالأفلام في أقل من لحظة، ولكن ليستبين صحة نيتك وصدق عزيمتك، فلو كان المرء يبلغ المعالي بمجرد الأماني لكان أوفر الناس حظًا أكثرهم خيالاً.
ومن يحفظ بصره عن الحرام فليترقب أوفر الخير من الله تعالى، قال - صلى الله عليه وسلم -: «النظرة سهم من سهام إبليس، مسمومة، فمن تركها من خوف الله أثابه - عز وجل - إيماناً يجد حلاوته في قلبه" حديث حسن رواه الحاكم (7875) من حديث حذيفة - رضي الله عنه - وقد أعقب الله - تعالى - آيات غض البصر المذكورة في سورة النور بقوله تعالى:"الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ... " [النور:35] ، قال أبي بن كعب: «مثل نوره في قلب عبده المؤمن» . فوازن بين لذة عابرة ولذة إيمان بها صلاح الدنيا والآخرة. وتذكر أن الاستقامة النموذجية، - وهي ما تسمى بالإمامة في الدين - تحصل بالصبر واليقين، فالصبر دواء الشهوات، واليقين دواء الشبهات، قال الله - تعالى -: "وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون" [السجدة:24] .
وتذكر أن الصالحين لم يصلحوا لكونهم لا شهوة لهم، ولكنهم وضعوها في الحلال، أو صبروا عن الحرام فعليك أن تكثر من الاستغفار فإنه من أشد ما يكره الشيطان، جاء في الأثر عن الشيطان قوله: «أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكوني بالاستغفار» رواه ابن أبي عاصم في السنة (1/9) ، وهو يجلو القلوب بإذن الله، وداوم على قراءة القرآن، فإنه شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين. واستعذ بالله من الشيطان؛ فإنه سبب نظرك ووقوعك في المحرم وإتلاف قلبك بالخوف، قال الله - تعالى -: "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم" [الأعراف:200] أنصحك أن تطالع في أحاديث التوبة، كتاب «رياض الصالحين» مثلاً، واستشعر أنها أحاديث لا تدعو لمعاودة المعصية، بقدر ما هي مبشّرة للتائبين الصادقين.
ولا تستعجل فضل الله بتأخر الإنجاب؛ "فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا" [النساء: 19] والدعاء مع بذل الأسباب الشرعية والطبيعية هو سلوك المؤمنين، ولا تقلق على زوجتك أن يصيبها مكروه (حماها الله) ما صدقت توبتك وصحت عزيمتك.