أما المآل الحسن لهذه الذنوب والخطايا هو أن تبدل هذه السيئات إلى حسنات! الله أكبر! كيف ذلك؟ اقرأ قوله -تعالى-: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان:68-69] .
أبعد هذا الفضل الرباني يكون لديك مجالاً للتردد في التوبة كلما غلبت عليك نفسك واتبعت هواك، وأضلك الشيطان بفعل الحرام، فبادر بالتوبة، وعليك بأخذ الأسباب التي تبعدك عن هذه المعاصي والذنوب، وأنت أدرى بنفسك من غيرك.
أخي: كم من أناس عندهم من المعاصي والذنوب، ولكنهم يحملون بين جوانحهم نفساً تواقة للعمل لهذا الدين، وإن شئت فاقرأ معي سيرة هذا الصحابي الجليل - رضي الله عنه- والذي قد ابتلاه الله بشرب الخمر، فيجلد ثم يعود، وهكذا، ولكنه يحمل بين أضلاعه نفساً أبية تواقة للجهاد في سبيل الله - جل وعلا- وقد ذهب هذا الصحابي - رضي الله عنه- مع تلك الثلة المباركة من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم من سادة التابعين، بقيادة البطل الهمام والفارس المغوار، والأسد الجسور سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- ذهبوا للقادسية لفتحها، وترفع فيها راية التوحيد، وتنكس فيها راية الشرك والإلحاد، بل وتمحى إلى الأبد، ذهب هذا الرجل معهم، وكان شارباً للخمر آنذاك، فأُصدرت الأوامر من القائد الأعلى سعد- رضي الله عنه- بأن يحرم هذا الرجل من المشاركة في الجهاد، ويوضع في القيد، ودارت المعركة، وتقابل الفريقان، وتنازل الشجعان، وتصارع الأبطال، واشتد الوطيس، فلا تسمع إلا ضربات السيوف، وطعن الرماح، ورمي السهام، ولا ترى إلا تطاير الرؤوس، وتناثر الأشلاء، وبحار من الدم تسبح فيها جثث القتلى، فهاجت نفس الرجل، واشتاقت للجهاد ومنازلة الأبطال والصناديد، فلم يملك نفسه إلا أن قال:
كفى حزناً أن تطرد الخيل بالقنا***وأترك مشدوداً علي وثاقياً.