وفي بعض الحالات ينصب عنف الأم على ابنة محددة؛ نتيجة تدليل الأب أو الحماة لها أو تشبيهها بهم، وهذا يكون مع تردي العلاقة مع الزوج أو الحماة، ومن جهة أخرى تحفز غيرة الأم من ابنتها ممارسة العنف ضدها، فهناك أم تغار من نجاح ابنتها وتفوقها بالدراسة، لذا تلجأ إلى أساليب كثيرة كي تعيق تفوقها، أو تغار من جمال ابنتها، فتفتعل معها المشكلات وتضربها لدرجة الأذى كي تشوّه جمالها.

كما يرى البعض أن المشكلة تكمن في عدم وعي الأمهات لمتطلبات المراحل العمرية للأبناء والتي تتغير باستمرار، وبمدى أهمية توفير العاطفة قبل المادة للأولاد. وهذه الحالة تدفع الفتيات خاصة إلى البحث عن بديل يمدها بالعاطفة والحنان الذي تحتاجه، مما يؤدي إلى غيرة الأم، من هنا يبدأ الشرخ في العلاقة بين الأم وابنتها"

ولعل من آثار هذا الشرخ النفسي لدى الأم تفضيل بعض الأولاد على بعض، أو تفضيل الولد على البنت ـ كما في حالتكِ أنتِ ـ وهي مخالَفة شرعية يقع فيها بعض الآباء أو الأمهات دون أن يدروا، وفي هذا ورد في صحيح البخاري (2586) ، وصحيح مسلم

(1623) عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أن أمه سألت أباه بعض الموهوبة من ماله لابنها، فالتوى بها سنة، ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ما وهبت لابني، فأخذ أبي بيدي، وأنا غلام فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله إن أم هذا -بنت رواحة- أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ ". قال: نعم، فقال: " أكلهم وهبت له مثل هذا؟ ". قال: لا، قال: " فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور"

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً: " سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء" أخرجه البيهقي في السنن (6/177) وحسن إسناده الحافظ ابن حجر.

لكن ـ يا بنيتي ـ عليك أن تذكري بأن غداً ـ بإذن الله ـ ستكونين أمًّا، فإياك ثم إياك أن تعقي أمك، بل برّيها على ما فيها من قسوة، وذكريها بالله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأحسني صحبتها ولا تيأسي من روح الله فبيده قلوب الخلق ونفوسهم يقلبها كيف يشاء، ومهما يكن من أمرها معكم فعليك حسن صحبتها؛ ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-:يا رسول الله أي الناس أحق مني بحسن الصحبة؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمك". قال: ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم:"ثم أمك" قال: ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم: "ثم أمك" قال: ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم:"ثم أبوك" صحيح البخاري (5971) وصحيح مسلم (2548) .

وما كنت أود منك ـ غفر الله لك ـ أن تقولي عن أمك ـ رغم قسوتها عليك ـ! "لا أذكر لها أي ذكرى جميلة"!!

لماذا.. ألم تذكري أنها كانت سبباً في وجودك، وأن بطنها كانت لك وعاء، وثديها كان لك سقاء؟

ألم تسهر على رعايتك وتربيتك حتى صرتِ شابة تملئين السمع والبصر؟ مهما قلتِ.. فتلك منزلتها التي منحها الله إياها ووصى الأبناء ببرها، من أجل هذا قال تعالى:" ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن" [لقمان:14] .

هوني على نفسك، واعلمي أن البر لا يبلى، وأن الصبر ضياء، وكوني قريبة من أبيك، وعوضيه بتدينك وحسن خلقك ما قصرت فيه أمك، وأكثري من الدعاء لوالديك بصلاح الحال والمآل.. وأسأل الله لك صلاح الحال وهدوء النفس وراحة البال.. والله أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015