إن النجاح الذي يتمناه كل أحد لأولاده هو أن يكونوا قريبين من الله تعالى بخشيته وتقواه على الدوام، وفي نفس الوقت يكونوا أفراداً ناجحين ومتميزين في حياتهم الدراسية والعملية. إن أولادك حينما يكونوا طلاباً ناجحين ومتفوقين دراسياً، وحينما تكون بناتك حافظات للقرآن الكريم وهن في مثل هذا السن لهو وسام شرف يجب أن تعتزي به وشهادة نجاح تربوية يجب أن تفتخري بها، وما عليك إلا مواصلة هذا المشوار الناجح الذي سلكتيه واخترتيه حينما اكتشفت أن زوجك ليس بالرجل الذي يتحمل المسؤولية، وضحيت بنفسك من أجل هؤلاء الأبناء وأملت فيهم سعادتك وهو ما تشاهدين بوادره وعلاماته الآن، وما ذلك إلا من توفيق الله وجزائه لك على صبرك واحتسابك.
أنت أيتها الأم الناجحة حينما تحسين بمرارة العيش مع هذا الزوج سيئ الخلق وفي كنف ذلك الرجل المتعاطي لأم الخبائث وبصعوبة الصبر عليه وعلى أفعاله، وحينما تطلبين الطلاق منه فإن ذلك مطلب له حظه ونصيبه من الصحة والحق وأنت معذورة تماماً في طلبك هذا، كما أنه لك كامل الحق في البحث عن عيشة وحياة هادئة تحت ظل رجل يمكن أن يوفر لك شيئاً من الحنان الذي فقدتية وحرمت منه طيلة هذه السنوات الماضية، إن كان ذلك هو وضعك مع هذا الزوج وهذه هي حياتك معه فأنا أقول أن لك تمام الحق في هذا الطلب بالانفصال ... ولكن ...
أيتها الأم العظيمة ...
حينما أقول بأن لك الحق في طلب الانفصال فإنه لا يعني أنها الخطوة الأنسب لك في نظري، بل هنالك خطوات وأمور أرى وأحسّ بأنها أكثر أهمية وأجدى نفعاً وأعظم أجراً ويجدر بك طرقها قبل البدء بخطوات التفكير بالطلاق والانفصال.
أنت أيتها الأم الكريمة بدأت مشوار التربية لفلذات كبدك ونجحت نجاحاً باهراً والحمد لله.. والسؤال الملح هو لماذا لا تواصلين هذا المشوار وهذا الطريق وأنت قد رأيت بنفسك عاقبة الصبر ونتيجة التحمل وأن الله لم يهملك بل كان لك معيناً وناصراً؟ .. أنت لا زال لديك أولاد صغار جداً وهم بحاجة ماسة لرعايتك وقيامك بشؤونهم خاصة وأن والدهم كما تذكرين غير مؤهل البتة للقيام بمسؤولياته تجاههم.. أنت صبرت فواصلي الصبر وواصلي التحمل يا رعاك الله واطمئني وأبشري وأنا واثق بإذن الله من أن القادم والمستقبل سيكون أفضل وأفضل..
أولادك سيستمر نجاحهم إن في دراساتهم أو في أعمالهم وأسرهم، وبناتك ستلحق بهن بركة صبرك بإذن الله بنجاحهن وزواجهن ممن يستر عليهم ويعشن معهم عيشة هنيئة بعيدة عن النكد والخوف الذي عاشته والدتهم.
نصيحتي لك أيتها الأم الفاضلة هي العودة إلى بيتك متسلحة بالصبر والاحتساب ومواصلة الكفاح والجهاد ونعم به من كفاح لتخرج ثمرة جهدك وصبرك أزهاراً يانعة وأجيالاً نافعة لأمتها ولدينها ولبلدها.. عودي إلى بيتك وكوني واثقة بعون الله لك ووقوفه معك بحوله وقوته، واعلمي أن النهاية ستكون من حظك وفي صفّك، واصلي أيتها الأم هذا الطريق الذي سلكتيه واخترتيه من البداية.