فلا بد لك من اليقين التام بأنه لا ارتباط بين الدين وبين من يتدينون به سواء أصابوا أم أخطئوا، وتذكري مقالة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- حينما قال لما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، فالمسلم يتعلق بربه ويلتزم دينه فمن التزم به وفقه الله، ووجد ما عمل سعادة في الدنيا والآخرة ومن حاد فلا ينسب إلى الدين تقصيره، فالحق لا يقاس بالرجال فإن الجماعة مع الواحد إذا كان محقاً، ولو خالفه من في الأرض جميعاً، حتى إن رأيتِ من زوجك أنموذجاً في التدين كما ذكرت، فهذا لا يعني أنه لا يقع في الخطأ وقد يكون مجتهداً ولم يهتد للصواب، وأود أن أنبه إلى مسائل:
المسألة الأولى: فأنصحك بنصائح لعلها تنفعك ويكون لك فيها خير ومخرج مما تعانين منه.
1- لا تجعلي ما ذكرت من تقصير زوجك نحوك شغلك الشاغل فالحمد لله فإنك قد عرفت الخير والأمر بالمعروف والدعوة إليه فاجعليه همك الأول فتهون عليك جميع مصائب الدنيا، ففيه رفعتك في الدنيا والآخرة، وانشغلي بالصلاة والذكر ونحوه من الأعمال الصالحة.
2- التمسي لزوجك العذر ولو في نفسك؛ حتى تطمئنين وتسرين به إذا حضر لأنه قد يكون تصرف هذه التصرفات لظروف خارجية فوق طاقته، ولا يستطيع التعامل بحنكة معها خاصة إن كان له أولاد في سن المراهقة فهم محتاجون إليه ومتابعتهم في هذه السن ضرورية، لا سيما في الإجازات والأسفار، كما أنك لم تذكري أن لك أولاد أم لا، فإن لم يكن لك أولاد أولك لكنهم صغار فاعلمي أن المسؤولية تجاهكم أقل وسترين السنوات المقبلة اهتمامه بهم إن شاء الله، وبناء عليه ترضى نفسك وتوقنين أن هذا التصرف ليس عن سبق تعمد وإصرار وإهمال لكم، بل لمشاغل الدنيا وعلائقها.
ثم إنه ليس كل الرجال لديهم القدرة على إدارة أكثر من أسرة فارضي بالقليل في الدنيا واعلمي أن الذي لم تسمح به نفسك كما ذكرت مدخر لك يوم لا ينفع مال ولا بنون، وإن كان مقام العفو أفضل عند الله تعالى.
المسألة الثانية: حاولي الاهتمام به إذا حضر وأشعريه بحاجتك إليه في الجوانب الاجتماعية والدعوية دونما عتاب يولد جفاء، فستجدينه مع مرور الأيام يتبنى مشاكلك الدعوية وغيرها، لا سيما وأن له اهتماماً بالدعوة وسيكون بينكما قاسماً مشتركاً تتبادلان فيه الحديث والهموم، ولا تنسي اهتمامك بنفسك ومظهرك أمامه، وعدم الانشغال عنه في وقت حضوره حتى يكون أدعى لقربك منه وشعوره باهتمامك به دون لوم أو عتاب على تقصير سابق.
فالأيام كفيلة بحل هذه المشاكل اليسيرة إذا لم تضخميها، ومع الإلحاح بدعاء الله أن يصلح ذات بينكم ويوفقكم لبناء أسرة سعيدة ينفع الله بها الإسلام والمسلمين.
أما ما ذكرت من تساؤلك حول مرضك فلا أظن أن هذا مرضاً نفسياً، بل منه شيء من الغيرة التي يمكن أن توجه وجهة صحيحة بالانشغال بعلو الهمة ومعالي الأمور عن هذه الشواغل والعلائق التي تؤثر على عطائك وحبك للخير. والله أعلم.