وليس للأم طلب طلاق زوجة الابن؛ وربما تكون آثمة في ذلك لو استجاب الابن لطلبها، متسببة في الفراق بين زوجين، ما لم يبدُ من الزوجة قصور في حق زوجها أو عيب في دينها يدعو للمفارقة، فالمفارقة حينئذٍ لما لحق الزوجة لا لطلب الأم. وأين كانت الأم حين حصلت الخطبة وسعى الناس في التحري عن الزوجة، ولماذا لا يكون الاشتراط قبل الزواج؟.
وفيما يتعلق بخروج الزوجة من بيتها، فإن تحرير المسألة على هذا النحو:
إذا كان خروج الزوجة لضرورة فإن للضرورات أحكامًا تقدر بقدرها.
إذا كان بين الزوجين شروط تتعلق بالخروج تم الاتفاق عليها أثناء العقد ولا تتعارض مع أحكام شرعية فيتعين الالتزام بها، فإن كانت تتعارض فتقدر بقدرها.
إذا منع الزوج زوجته من الخروج صراحة؛ فإن عليها الاستجابة لنهيه، ولو كان خروجها لمقصد مشروع كصلة رحم أو عيادة مريض.
إذا أذن الزوج لزوجته إذنًا مطلقًا في الخروج فإنه يجوز لها الخروج مطلقًا شرطَ الالتزام بالضوابط الشرعية في خروج المرأة وألا يكون الخروج والدخول سمتًا لها كما لو كانت رجلاً.
ومحل النزاع إذا لم يأذن الزوج لزوجته بالخروج إذنًا مطلقًا ولم يمنعها، فهل لها أن تخرج؟ أو بمعنى آخر: هل عليا أن تستأذنه في الخروج؟
مرد حكم هذه المسألة إلى العرف، فإن كان المتعارف عليه في مجتمعهما أن المرأة لا تخرج إلا أن تستأذن زوجها في كل مرة تعزم الخروج فيه، فإن الخروج حينئذ لا يجوز إلا أن يأذن لها زوجها.
وإن كان المتعارف عليه أنها تخرج متى ما رغبت إلا أن يمنعها فمعنى ذلك أن يجوز لها الخروج، وتمتنع عنه وجوبًا إذا منعها زوجها.
ومع ذلك فينبغي ألا يترتب على خروجها تقصير في حق زوجها وحق أولادها وبيتها. ولو خرجت (وقد منعها) فيجوز له تأديبها بالصورة المشروعة من وعظها وهجرها والتقليل في النفقة عليها إلى حد إسقاط حقها في النفقة. وبمناسبة هذا الملحظ تجدر الإشارة إلى أنه قد يغفل بعض الأزواج عن فرصتهم هم في أن يعينوا زوجاتهم على القيام بواجباتهم، من خلال مبادرتهم بتوفية الزوجة ما تحتاج إليه، وإطلاعها على الأجر العظيم الذي كفله النبي e للزوجة المطيعة المتبعلة لزوجها، دون أن يكون ذلك على وجه الأمر والقسوة.
أخيرًا، فإن العلاقة الزوجية أسمى من كونها علاقة بين رئيس ومرؤوس، أو طالب ومطلوب، ولكن لكون أكثر الناس يمارسون حياتهم بسجيتهم وبما إمكاناتهم الفطرية، دون مراعاة ما تتطلبه بعض المواقف من حسن التدبير والمعرفة، فكثرت حالات الخصام وتعثرت فرص التوفيق في الأعمال والتواصل مع الآخرين. وأرجو ألا يكون خافيًا على السائل وغيره ما أصبحت عليه صورة الحياة المعاصرة من تغير يستدعي تعرف وسائل التعامل معها (الحياة في صورتها الجديدة) والتصرف الحكيم إزاءها مما لا يخالف الشرع مباشرة أو مستقبلاً. وعليه فنصيحتي إلى الأخ السائل (وغيره ممن يطلع على هذه الإجابة) أن يتعلم ما أصبح يعرف بـ «الثقافة الزوجية» أو «الثقافة الأسرية» . وبخاصة أن كثيرًا من المشكلات لا تحل بمفردها، بل هي فقرة في منظومة كبيرة من العلاقة الوثيقة المتشابكة بين الزوجين. والله أعلم.