ومسؤولية المرأة في بيت زوجها توجب عليها أن يكون لها دور توجيهي أو إرشادي تجاه زوجها، يقوم على النصح له وحب الخير والسداد له، ودعوته إلى الخير وأمره بالمعروف إذا قصر فيه، ونهيه عن المنكر إذا وقع فيه، فهذا واجب على كل مسلم تجاه المسلم، حتى الابن مع أبيه، والتلميذ مع أستاذه، والمحكوم مع الحاكم، وكذلك الزوجة مع زوجها، ولكن في حدود وضوابط معينة ذكرها العلماء في مظانها، والله تعالى يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: من الآية71] ، والعلاقة الزوجية لا تسقط فرضية الأمر والنهي بل تؤكدها.
وقد كانت المرأة من نساء السلف تقول لزوجها إذا خرج من البيت للتجارة والضرب في الأرض: يا أبا فلان، إياك وكسب الحرام فإنا نصبر على الجوع والطوى ولا نصبر على حر النار وغضب الجبار!
ولو وجدت المرأة زوجها يقصر في أداء الصلاة المفروضة، فالواجب عليها أن تأمره بالرفق وبالموعظة الحسنة أن يحافظ على صلاته، ولو وجدته يشرب الخمر، فعليها أن تنهاه عن أم الخبائث وتنصحه أن يحافظ على دينه ونفسه وماله وولده باجتناب هذا الرجس من عمل الشيطان، ولو وجدته يهمل رعاية أولاده أو النفقة عليهم، فليزمها أن تنصحه وتحضه أن يقوم بواجبه.
فإن قيل: هل للزوج سلطة على زوجته وإلى أي حد؟ فالجواب: أن للزوج سلطة (القوامة) ولكنها ليست سلطة مطلقة، بل هي سلطة مقيدة بأحكام الشرع ومقتضيات العرف. فأحكام الأسرة مقيدة -في القرآن الكريم- بقيدين:
أحدهما: رباني، وهو ما سماه القرآن (حدود الله) وقد تكررت كثيرًا في شأن الأسرة.
والثاني: إنساني، وهو ما سماه القرآن (المعروف) وهو ما تعرفه الفطر السليمة والعقول الرشيدة وأهل الفضل من الناس. نقرأ في القيد الأول قوله تعالى في شأن الطلاق: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: من الآية229] ، وفي مقام آخر بقوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: من الآية230] ، وفي سورة الطلاق بقوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: من الآية1] .
وفي القيد الإنساني بقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: من الآية19] ، وقوله: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: من الآية233] ، وقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: من الآية2] ، وقوله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: من الآية241] .