2- ومنهم الموكل بحفظ عمل العبد من خير وشر، وهم الكرام الكاتبون، وهؤلاء يشملهم مع ما قبلهم قوله عز وجل: "ويرسل عليكم حفظة" [الأنعام: 61] ، وقال تعالى فيهم: "أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون" [الزخرف: 80] ، وقال تعالى: "إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" [ق 17-18] ، فالذي عن اليمين يكتب الحسنات، والذي عن الشمال يكتب السيئات وقال تعالى: "وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون" [الانفطار: 10] وقال الحسن البصري -رحمه الله تعالى- وتلا هذه الآية: "عن اليمين وعن الشمال قعيد" [ق: 17] : يا ابن آدم بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك وجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم القيامة، فعند ذلك يقول الله تعالى: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا" [الإسراء: 14] ، ثم يقول: عدل والله فيك من جعلك حسيب نفسك. اهـ. ويناسب ذكر المعقبات والحفظة ما روى البخاري -رحمه الله تعالى- في باب قول الله -عز وجل-: تعرج الملائكة والروح إليه.. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم، فيقول كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون". ورواه مسلم أيضا، وفيهما عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قام فينا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بأربع كلمات، فقال: "إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار،