المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 21/03/1427هـ
السؤال
أنا موظف وأتقاضى راتبًا محترمًا، ولكن الوالد يريد مني أن أسلمه إياه كل شهر، وإلا فلن يرضى عني، علماً أن والدي يتقاضى ضعف راتبي، وهو ليس بحاجة إليه. وقد عرضت علية أن أتزوج بالمال الذي جمعته، فرفض بحجة أنني صغير، علمًا أن الوالد مقصر في البيت، وأنا أقوم بتغطية النقص، وتلبية حاجيات الوالدة، فهل أعطيه الراتب كاملاً أم لا؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فلا شك أن للوالد منزلة عظيمة، ولهذا قال بعض أهل العلم: إن له أن يتملك من مال ولده ما شاء، مستدلين بما رواه ابن ماجة (2291) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنت ومالك لأبيك". وهو حديث صحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم". رواه الترمذي (1358) وحسنه، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. لكن من قال بهذا القول اشترط شرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالولد ولا يضر به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته.
والشرط الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه لآخر، وهذا مذهب الحنابلة.
بينما ذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه ليس للأب أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته. انظر المغني لابن قدامة (5/668) في مسألة: (أخذ الأب من مال ولده) .
بناءً على ما تقدم فإن أخذ الوالد لكامل الراتب لاشك أن فيه ضرراً، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه أحمد (2719) ، وابن ماجه (2341) لا سيما وأن الوالد -كما جاء في السؤال- ليس بحاجة؛ لأنه يتقاضى ضعف راتب الولد؛ لذا نقول للوالد: اتق الله ولا تضر بولدك في ماله ولا في نفسانيته؛ فقد تخسر المال، وتخسر الولد، وتكون أنت السبب، وعليك أن تأخذ من ولدك ما تطيب به نفسه، وإن استغنيت فهو أولى لا سيما مع عدم حاجتك، وعليك أيضاً أن تعينه على زواجه، وتخفف عنه آلامه لا أن تكون المسألة بالعكس.
هذا وعليك أيها الولد أن تتلطف مع والدك وتقنعه، أو تبحث عمن يقنعه ممن يَقْبل منه لعل الله أن يهديه، فإن أصر على ذلك فالتمس رضاه ولو بإعطائه بعض راتبك بما لا يضرك.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يهديه وأن يرضيه عنك.
وفق الله الجميع لكل خير.