دعوة المتصوفة

المجيب / المشرف العام

التصنيف

التاريخ 26/10/1422

السؤال

أسأل الله تعالى أن تكون في أتم الصحة والعافية وأن تكون بخير، ثم أرجو أن تذكر لي طريقة عملية في دعوة الصوفية، مع العلم أنهم ليسوا متعمقين في التصوف بل مازالوا عند الموالد والأذكار والدعوات والصلوات فقط.

كما أرجو أن ترشدني إلى كتب تهتم بدعوة هؤلاء الناس.

الجواب

التصوف باب واسع، والطرق الصوفية كثيرة ومتباعدة في مناهجها، الاسم واحد والمحتوى مختلف متفاوت، فيها الطرق القائمة على التكسب المادي والغنائم الدنيوية، وفيها الطرق القائمة على عقيدة الاتحادية أو الحلول، وفيها الطرق القائمة على التهذيب والتربية وبناء الأخلاق والتعبد، وربما صحب ذلك شيء من المحدثات العملية التي لم تُؤْثرَ عن السلف.

وكثير من المنتسبين إلى الطرق الصوفية لا يربطهم بها إلا مجرد الانتساب والمحبة والولاء العام، دون أن يعرفوا ما عليه شيوخ الطريقة.

ونظراً لهذا نرى أن التأثير على هذه الجماهير ممكن جداً شريطة أن يكون بالأسلوب الحسن والموعظة الحسنة، والهدوء وسعة البال، ومن طلبة علم وأهل دعوة يعرفون مداخل النفوس وأسباب قبولها وإقبالها، وأسباب ردها وإدبارها فليس من الحكمة أن تبدأ بنقد شيوخهم وتفنيد طرائقهم وعيب مسالكهم، وربما لا يكون كثير من هذا معروفاً لديهم، وربما أخذتهم بذنب غيرهم، أو كنت سمعت عنهم شيئاً والواقع بخلافه.

والأسلوب الأمثل في دعوة هؤلاء وغيرهم هو عرض الحق لهم دون الدخول معهم في مناظرة حول ما هم عليه، فتعرض عليهم العقيدة في الله - تعالى - وتعظيمه وعبادته وتوحيده، والإقرار بما أخبر به عن نفسه أو أخبر عنه رسوله مما هو لب الديانة ومقتضى الفطرة، وصريح العقل.

ويُثَنّى بالثناء على الأنبياء والمرسلين وتعظيمهم ومحبتهم والاقتداء بهم واللهج بذكرهم دون غلو أو مبالغة، ولا نفرق بين أحد منهم.

ونثلِّث بالثناء على أصحاب الأنبياء، وخصوصاً أصحاب نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فهم غراس يده، وثمرة تربيته، وأعوانه وإخوانه وأصحابه وجلساؤه ووزراؤه وأهل بيته.

وهكذا ما يتعلق بالملائكة والكتب والقدر وغيرها.

ويراعى في هذا ناموس التدرج، فليس من الحكمة أن تشعره بأن كل ما عنده خطأ وباطل وضلال، كما أنه ليس من الحكمة أن تعلمه صغار الأمور وكبارها في وقت واحد، وأن تنتقده في كل كلمة وكل حركة.

هناك مسائل جوهرية وكبيرة وضرورية يُبْدأ بها، وتُوْلَى حقها من العناية بصبر وذكاء وبعدٍ عن الإثارة، وأعني أن أتعمد البعد عن تحريك عوامل الرفض والمعاندة لديه، وأتجنب كل ما يحرك التعصب عنده، وأجعل الحق يسري ويسرب إلى قلبه ونفسه بهدوء وانسياب ولطف، حتى لربما لا يشعر أول الأمر أن ثمةَ شيئاً جديداً يدخل عليه، وقد يكون في قرارة نفسه فطرة سليمة، أو فهم صائب ولكنه مستور مغطى ببعض الظواهر وبعض الشوائب.

وإذا ظهرت بوادر القبول فليكن بعد اللقاء لقاء آخر، ولتكن الطريق سالكة لصداقة تمتد جذورها وتبسق فروعها ويتولد عنها تبادل الأحاديث والصِّلات والهدايا، والكتب والأشرطة والوسائل التعليمية المختلفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015