رابعاً: أن الرسول – صلى الله عليه وسلم- قرأ قوله تعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ... " إلى قوله تعالى: "إن الله كان سميعاً بصيراً"، فوضع إبهامه على أذنه اليمنى، والتي تليها على عينه، وأبو هريرة –رضي الله عنه- لما حدث به فعل ذلك. أخرجه أبو داود بسند صحيح (4728) .

والجواب عن ذلك بوجهين:

الأول: - بما سبق-: أنه إذا اشتبه عليك مثل ذلك، ولم تستطع الجمع، فردّ المتشابه إلى المحكم، "ليس كمثله شيء"، واجزم أنه لا تعارض بين كلام الله، وكلام رسوله – صلى الله عليه وسلم-، وأنه إنما حصل لك الاشتباه لسبب من الأسباب المذكورة فيما سبق.

الثاني: أن الرسول – صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك ليؤكد ثبوت هاتين الصفتين لله –سبحانه- على الوجه اللائق به، فهو إذاً تحقيق لهما، وإثبات لهما بالقول والفعل، وليس في الحديث ما يدل على التمثيل أبداً، لا من قريب ولا من بعيد، "ليس كمثله شيء".

خامساً: أنه قد ورد في حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- كيف يحكى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "يأخذ الله – عز وجل- سماواته وأرضيه بيديه، فيقول: "أنا الله، ويقبض صلى الله عليه وسلم أصابعه ويبسطها- أنا الملك" أخرجه مسلم (2788) .

ويجاب عنه بالوجهين السابقين، وأن المراد بفعل الرسول –صلى الله عليه وسلم- لذلك، هو تحقيق صفة اليدين لله تعالى، وإثباتها حقيقة على الوجه اللائق به، وأنه سبحانه يقبض بهما سماواته وأراضيه حقيقة، يوم القيامة، كما قال تعالى: "وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه" [الزمر: 67] ، فإن قيل: هل يجوز لأحد أن يفعل كما فعل الرسول –صلى الله عليه وسلم- في الحديثين السابقين؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015